
لم يكن يوم 25 يوليو 2024 يومًا عاديًا في تاريخ أزواد… بل كان يومًا دخل فيه أبناء الصحراء المجد من أوسع أبوابه، حين لقّنوا أكبر حملة استعمارية مرتزقة عرفتها أفريقيا درسًا سيبقى محفورًا في ذاكرة الشعوب والمرتزقة على حد سواء.
حين زحفت جحافل المرتزقة الروس فتصدى لهم الأحرار
بدأت القصة في 22 يوليو 2024، حين أرسلت الطغمة العسكرية الحاكمة في باماكو أضخم قافلة عسكرية مدعومة بمئات المرتزقة الروس من مجموعة فاغنر، في محاولة يائسة لاستعادة مدينة تنزواتين، آخر قلعة من قلاع الحركات الأزاودية. ظنوا أن سطوتهم العسكرية، ومدرعاتهم الثقيلة، وطائراتهم المقاتلة ستُخضع الأرض وأهلها. لكنهم لم يعرفوا أن من يقف في طريقهم هم أبناء الأرض… أبناء الرمال والصخور والوديان، الذين يعرفون كل شبر من صحرائهم كما يعرفون نبض قلوبهم.
جرائم العدو قبل السقوط المدوي
في طريقهم، ارتكب هؤلاء الغزاة أبشع الجرائم بحق الشعب الأعزل في ظاكَاك وإنتواكي: قتل واغتصاب وتهديد الشيوخ والنساء، ظنًّا منهم أن إرهاب المدنيين سيكسر إرادة الثوار. لكن دماء الشهداء لم تُهدر، بل صارت وقودًا لنار الثورة في صدور الثوار.
انقلاب الموازين في قلب الصحراء
وصل الغزاة إلى مشارف تنزواتين يوم 25 يوليو، ليجدوا في استقبالهم أبطال أزواد، الذين حولوا صحراء تنزواتين إلى جحيم حقيقي. انقض الأزوادييين عليهم من كل صوب، واحترقت المدرعات الروسية الحديثة في دقائق، وتبددت أحلام العدو في استعراض القوة. زادت العاصفة الرملية من سوء حظهم، فأعمت أبصارهم وحرمتهم من غطاءهم الجوي، فيما بقيت بصيرة الأزواديين نيّرة يقودهم إيمانهم بعدالة قضيتهم، وتم تفجير مركبتين بينها مدرعة في أول إحتكاك ليتراجع المرتزقة.

وفي 26 يوليو حالوا التقدم لكن الأزواديين الأزواديين كانوا في أهبة الاستعداد وانقضوا عليهم من كل حدب وصوب وألحقوا بهم خسائر فادحة وتدخلت طائرة مروحية لإجلاء القتلى والجرحى لكن الدفاعات الجوية للجيش الأزوادي تعرضت لها مادفعا للعود وسقطت قرب مدينة اليو إضطراريا بسبب تعرضها لطلقات الأزواديين.

أكبر خسارة للمرتزقة الروس في أفريقيا
لقد كان يوم 27 يوليو 2024 تاريخيا ، وهو اليوم الأخير الذي تم فيه دحر المرتزقة والجنود الماليين بالكامل


في تلك الأيام الثلاثة من المعارك الخالدة 25-26-27 يوليو 2024، تكبد المرتزقة الروس من فاغنر أكبر خسائرهم في أفريقيا بأسرها، بل وحتى في تاريخ تواجدهم الدموي في أزواد: 84 قتيلًا روسيًا سقطوا على رمال تنزواتين، و 47 جنديًا ماليًا قضوا معهم، بينما وقع بعضهم أسرى في قبضة الثوار.
هذه ليست مجرد أرقام… بل رسالة مدوية للعالم كله بأن أزواد ليست أرضًا مستباحة، وأن الاحتلال مهما تغيّر وجهه ولغته ورايته، نهايته محتومة على يد أبنائها.
يوم عزٍ لا يُنسى
في 27 يوليو، ومع نفاد المياه والمؤن، تاه من بقي من الغزاة في الصحراء، فابتلعتهم رمالها كما ابتلعت كل غازٍ قبلهم. تحولت «عملية تحرير تنزواتين» التي حلموا بها إلى ذكرى سوداء تلاحقهم، وإلى يوم عيدٍ يتغنى به شعب أزواد جيلًا بعد جيل.
معركة غيرت مجرى الصراع
لم تقف آثار المعركة عند حدود تنزواتين:
- كسرت هيبة المرتزقة الروس في عيون الجميع، وأكدت أن أبناء أزواد قادرون على دحرهم.
- دفعت مالي لإعادة حساباتها العسكرية والدبلوماسية.
- فرضت احترامًا جديدًا لقوة الحركات الأزاودية على المستوى الإقليمي والدولي.
- وأثبتت أن الأرض لا تُحرر إلا بأيدي أصحابها الذين يعرفونها ويحبونها حد التضحية بكل شيء.
ختامًا
تنزواتين ليست مجرد معركة… هي عنوانٌ لمجدٍ أزوادي صنعه الرجال المؤمنون بقضيتهم. إنها الدليل القاطع أن أزواد ستبقى عصيّة على كل محتل، وأن المرتزقة – مهما بلغ عددهم وعدتهم – لا مكان لهم بين أحرار الصحراء.
سلامٌ على شهدائنا، وعارٌ على الغزاة، والمجد كل المجد لأرض أزواد وأهلها.