
شهدت مالي أمس الجمعة 17 أكتوبر 2025 واحدة من أكثر الهجمات دموية منذ بداية العام، حيث تعرضت قافلة تابعة للقوات المسلحة المالية (فاما) لكمين في منطقة كولوندِيبا بولاية سيكاسو، جنوب البلاد، ما أسفر عن مقتل 21 جنديًا وخمسة سائقين مدنيين، وفقًا لمصادر أمنية محلية. كما تم أسر نحو ثمانية عشر (18) سائق شاحنة وعدد من الجنود، فيما لا يزال آخرون في عداد المفقودين.
الكمين وقع أثناء مرافقة القوات لشاحنات نقل وقود متجهة من ساحل العاج نحو العاصمة باماكو، عندما فتحت مجموعة مسلحة النار مستخدمة أسلحة ثقيلة وعبوات ناسفة في منطقة كولوندِيبا.
سياق متفجر
ويأتي هذا الهجوم في سياق أمني مأساوي تعيشه مالي منذ مطلع سبتمبر 2025، حين فرضت كتيبة ماسينا التابعة لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM) حصارًا خانقًا على العاصمة باماكو وعدة مناطق في الوسط والجنوب. خلال الأسابيع الأخيرة، تم حرق مئات شاحنات الوقود، بينما أعلنت الجماعة حظرًا شاملًا على دخول أي شحنات محروقات إلى مالي من الدول المجاورة: موريتانيا، السنغال، ساحل العاج، وغينيا.
هذا الحصار أدى إلى نقص حاد غير مسبوق في الوقود منذ استقلال البلاد. فقد بقيت مدن مثل بلا ونيورو و نيونو لأسابيع دون وقود أو كهرباء، فيما عانت العاصمة من شلل شبه كامل بعد نفاد المحروقات، باستثناء شحنة محدودة وصلت عبر ساحل العاج واستمرت ثلاثة أيام فقط قبل أن تتجدد الأزمة.
تصريحات كوفا وتصعيد خطير
وفي خضم هذه الأزمة، بثّ أمادو كوفا، زعيم كتيبة ماسينا، تسجيلًا جديدًا أكد فيه استمرار الحصار حتى “انهيار العاصمة من الداخل”، مستشهدًا بحصار تاريخي في هامدالاّي خلال عهد مملكة الفولان في ماسينا، حين بلغ الجوع بالسكان حدًّا جعلهم يأكلون الحمير ويطحنون القرع ليأكلوه.
وختم كوفا تهديده بالقول إن جماعته “ستفرض المصير نفسه على باماكو” حتى “ يتآكل المجلس العسكري الحاكم فيما بينه”.
دولة على حافة الانهيار
تظهر هذه التطورات أن الجماعات الجهادية أصبحت تتحكم فعليًا في أجزاء واسعة من البلاد، ، يواجه الجيش المالي صعوبات حادة في الانتشار، ويلجأ إلى الانسحاب أو التحصن في ثكناته عند أول مواجهة.
الهجوم الأخير في كولوندِيبا لا يمثل مجرد حادث معزول، بل حلقة جديدة في مسار تصاعدي لانهيار الأمن في الجنوب، وتذكير مرير بأن الأزمة في مالي دخلت مرحلة خطيرة تهدد وجود الدولة نفسها.