
شهدت مالي صباح اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025، موجة هجمات منسقة غير مسبوقة استهدفت مواقع للجيش المالي (FAMA) في عدة مدن ومناطق بغرب و جنوب البلاد، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى من الجنود، إضافة إلى خسائر مادية ضخمة قدرت بمليارات الفرنكات الإفريقية، في وقت تستمر فيه الاشتباكات في بعض المناطق.
وأكد الجيش المالي في بيان رسمي أن “هجمات منسقة نُفذت في وقت مبكر من هذا الصباح ضد مواقع القوات المسلحة المالية” في ما لا يقل عن سبع مدن ومواقع هي: كايس، نيونو، مولودو، سانداري، نيورو دو الساحل، ديبولي، وغوغوي. فيما أفاد شهود عيان ومصادر محلية وأمنية بأن عدد المواقع المستهدفة قد يصل إلى عشرة، في أكبر هجوم متزامن تشهده البلاد منذ أشهر.
الهجوم على مدينة كاي
وكان الهجوم على مدينة كايس، كبرى مدن غرب مالي والواقعة على الحدود مع السنغال، هو الأبرز والأكثر دموية. فقد أكدت مصادر شرطية ومحلية أن مسلحين يشتبه بانتمائهم لجماعات جهادية، اقتحموا المقر العسكري في المدينة مستخدمين سيارات رباعية الدفع، ونجحوا في التوغل داخل المدينة وشنوا اشتباكات عنيفة قرب مقر الحاكم ( gouvernorat ) ومراكز الشرطة.
وقال أحد سكان المدينة: “استيقظنا على أصوات إطلاق نار كثيف ودخان يتصاعد من وسط المدينة. رأينا المسلحين يتجولون في الشوارع ويرفعون راياتهم”. وأفادت مصادر بأن الهجوم أسفر عن مقتل وإصابة عدد كبير من الجنود، فيما استولى المهاجمون على أسلحة ومركبات عسكرية حديثة، من بينها سيارات بيك آب من طراز 2025، تُقدر قيمة كل واحدة منها بنحو 40 مليون فرنك إفريقي.
خسائر بشرية ومادية فادحة
وبحسب مصادر أمنية متطابقة، فقد قُتل عشرات الجنود الماليين في هذه الهجمات، فيما لا تزال الحصيلة النهائية غير معروفة بسبب استمرار المعارك في بعض النقاط، وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق المتضررة. وقدرت الخسائر المادية بمليارات الفرنكات الإفريقية، نتيجة تدمير آليات ومدرعات، والاستيلاء على أسلحة ومعدات حربية حديثة.
في هذا السياق، نشر إعلام جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” المرتبطة بتنظيم القاعدة، ما وصفه بـ”حصاد عملياتها خلال شهر ذو الحجة 1445 هـ / يونيو 2025″، والذي تضمن أرقامًا ضخمة عن نتائج عملياتها في منطقة الساحل، منها:
- أكثر من 503 قتيلًا
- تنفيذ أكثر من 40 غارة
- نصب أكثر من 4 كمائن
- تفجير أكثر من 41 عبوة ناسفة
- تدمير أكثر من 111 آلية عسكرية
- الاستيلاء على أكثر من 17 آلية و139 دراجة نارية
- الاستيلاء على 533 قطعة سلاح متنوعة
- إسقاط 3 طائرات دون طيار
- تنفيذ عملية انغماسية واحدة وقصف مدفعي واحد
- أسر 23 جنديًا ماليًا
أزمة أمنية تتفاقم
تأتي هذه الهجمات في ظل أزمة أمنية خانقة تعيشها مالي منذ العام 2012، تفاقمت بعد توسع نفوذ الجماعات الجهادية المسلحة التي تنشط في مناطق متفرقة من البلاد، مستغلة هشاشة الدولة والانقسامات الداخلية. ورغم حملات الجيش المالي المدعومة من مجموعات روسية شبه عسكرية، إلا أن الوضع الأمني يزداد سوءًا، خاصة في المناطق الحدودية مع السنغال، وموريتانيا، وبوركينا فاسو و النيجر.
وكان الجيش المالي قد تعرض خلال الشهر الماضي لهجوم كبير في تمبكتو أسفر عن مقتل أكثر من 30 جنديًا، في وقت تواجه فيه الدولة أزمات اقتصادية متزامنة، تعمق من معاناة السكان.
حالة تأهب واستنفار
أعلنت السلطات المالية رفع مستوى التأهب الأمني في مختلف المناطق، وسط دعوات شعبية بضرورة تعزيز قدرات الجيش وسد الثغرات الاستخباراتية، . ولا تزال الأوضاع في كاي ونيورو وغوجوي غير مستقرة حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
وتطرح هذه الهجمات أسئلة ملحة حول جاهزية القوات المسلحة المالية للتعامل مع مثل هذه الهجمات المنسقة، وضرورة مراجعة الاستراتيجيات الأمنية والعسكرية في ظل تصاعد التهديدات العابرة للحدود.