أعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تنفيذ 8 هجمات متزامنة استهدفت مواقع وآليات تابعة للجيش المالي وعناصر من الفيلق الإفريقي، وذلك يومي الخميس والجمعة 25 و26 ديسمبر 2025، في واحدة من أوسع العمليات المنسقة منذ أشهر، بينها 3 هجمات وقعت في محيط العاصمة باماكو.
وبحسب ما أعلنته الجماعة، فقد تنوعت الهجمات بين تفجيرات وكمائن وسيطرة مباشرة على نقاط وثكنات عسكرية. إذ جرى استهداف آلية عسكرية تابعة للجيش المالي والفيلق الروسي بعبوة ناسفة قرب مدينة بوغوني صباح الجمعة، فيما نُصب كمين لرتل عسكري على الطريق الرابط بين بوغوني وباماكو مساء الخميس، وأسفر عن إحراق عدد من شاحنات نقل الوقود.
وفي ولاية سيكاسو، سيطرت الجماعة على نقطة عسكرية في منطقة غارلو، كما أعلنت لاحقاً سيطرتها على ثلاثة مقرات عسكرية للجيش المالي في بلدة كالانا صباح الجمعة. أما في ولاية كوليكورو، فقد استُهدف مقر للجيش في منطقة زانتيغلا، الواقعة على بعد نحو 45 كيلومتراً فقط من العاصمة باماكو، ما يعكس اقتراب العمليات المسلحة من محيط العاصمة بشكل غير مسبوق. كما أعلنت الجماعة سيطرتها الكاملة على ثكنة عسكرية في سندري بولاية كايس ظهر الجمعة.
وتأتي هذه التطورات في سياق الحصار الذي تفرضه جماعة نصرة الإسلام والمسلمين على العاصمة باماكو منذ سبتمبر 2025، وهو حصار شهد فترات تخفيف مؤقتة بفعل هدن غير معلنة بين الطرفين، ارتبطت – وفق مصادر محلية – بعمليات إطلاق سراح مقاتلين مقابل تعليق الهجمات على القوافل العسكرية المؤمنة لإمدادات الوقود. غير أن انتهاء آخر هدنة مطلع ديسمبر الجاري أعاد الوضع إلى نقطة التوتر، مع استئناف استهداف طرق الإمداد الحيوية.
وعلى المستوى المعيشي، تعيش باماكو منذ أيام على وقع أزمة وقود متجددة، تجلت في عودة الطوابير الطويلة أمام محطات البنزين، نتيجة التوقف التدريجي لحركة الشاحنات القادمة من الجنوب. وهي أزمة سبق أن شهدتها البلاد في نوفمبر الماضي، حين اضطرت السلطات إلى إغلاق المدارس والجامعات مؤقتاً بسبب شح الوقود وصعوبة التنقل.
ولا تقتصر تداعيات الأزمة على العاصمة وحدها، إذ تشير تقارير محلية إلى أن عدداً من المدن الأخرى عاشت لأشهر متواصلة دون كهرباء أو وقود، في ظل وضع أمني هش وانقطاعات متكررة في سلاسل الإمداد، بينما ظلت باماكو تستفيد نسبياً من أولوية التزويد.
في هذا السياق المعقد، دفعت التطورات الأمنية الأخيرة نحو عشرين دولة غربية إلى دعوة رعاياها لمغادرة مالي، كما أصدرت تحذيرات رسمية لمواطنيها بعدم السفر إلى البلاد، بسبب تزايد القلق الدولي من اتساع رقعة العنف وعدم قدرة السلطات على تأمين الطرق الحيوية.
وبين ضغط العمليات المسلحة، وأزمة الوقود، والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة، تبدو مالي أمام مرحلة دقيقة، تتداخل فيها الحسابات الأمنية مع رهانات الاستقرار الداخلي، في وقت تظل فيه العاصمة باماكو في قلب هذا المشهد المتوتر، محاطة بحصار تتغير حدته، لكن آثاره باتت ملموسة في الحياة اليومية للسكان.
