أعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين مساء اليوم، 2 نوفمبر، في تسجيل صوتي جديد عن فرض مزيد من الإجراءات الصارمة على وصول الوقود إلى عدد من المدن في منطقة أريبندا وسط مالي، مؤكدةً استمرارها في منع مرور شحنات المحروقات إلى الجيش المالي وقوات الدونزو المحلية. وحددت الجماعة عدة مناطق يُسمح للتجار بالوصول إليها، وهي: يرما، دواري، كوبا، بانا، يسي، سيرما، وتولا، محذرةً من اجتياز هذه النقاط غرباً، حيث يُعد ذلك تجاوزاً لمنطقة الحظر ويعرض المخالفين للعقوبات.
تصعيد استثنائي في أزمة الوقود
وتأتي هذه التصريحات بعد أكثر من شهرين من الحصار الخانق الذي تفرضه الجماعة المسلحة على مدن كاي ونيورو وسيكاسو الواقعة جنوب وغرب مالي، ما أدى إلى أزمة وقود خانقة غير مسبوقة منذ استقلال البلاد. شملت آثار الحصار شللاً تاماً في القطاعات الحيوية، إذ أُغلقت المدارس والجامعات الأساسية والتابعة للتعليم العالي، في ظل عجز السلطات عن توفير الحد الأدنى من المشتقات النفطية لتشغيل المرافق العامة والنقل المدني.
أزمة اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق
تجاوزت تداعيات الحصار حدود المدن المحاصرة لتصل إلى العاصمة باماكو، حيث سُجّلت معاناة شديدة في توفير الوقود، ووقع آخر هجوم مسلح للجماعة على بعد 30 كيلومتراً فقط من المدينة، مما ضاعف قلق السكان وجعل الأزمة تأخذ بعداً آخر. وترافقت هذه التطورات مع دعوات عدد من السفارات الأجنبية لرعاياها بمغادرة البلاد، خوفاً من تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية.
الأهداف والاستراتيجيات المحتملة للجماعة
يرى العديد من الخبراء والمراقبين أن تشديد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين للحصار وخنق العاصمة باماكو يشير إلى سعي متصاعد لإسقاط النظام العسكري الحاكم أو إجباره على الاستسلام وتشكيل سلطة جديدة تتوافق مع شروط الجماعة وتوجهاتها الفكرية. بينما يذهب آخرون إلى أن الهدف الأساسي هو إغراق النظام والأجهزة الأمنية في أزمة مجتمعية واقتصادية خانقة، تنتزع منه الشرعية تدريجياً على المستوى الداخلي والخارجي، دون ضرورة الدخول في مواجهة مفتوحة بشأن السيطرة على العاصمة.
أزمة متعددة الأبعاد وتداعيات مستمرة
من المتوقع أن يستمر الحصار وتفاقم أزمة الوقود ما لم تتوصل السلطات المالية إلى حلول عملية، سواء بالتفاوض مع الجماعة أو بوضع ترتيبات ميدانية جديدة لكسر الطوق. وتتكثف المخاوف من تفاقم الوضع الإنساني في ظل تزايد العجز عن توفير أساسيات الحياة كالطاقة، والغذاء، وحتى الأمن الشخصي، مما يفاقم من تعقيدات المشهد المالي الهش منذ سنوات.
خلفية الحصار: سياق الحملة ومحدداتها
فرضت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين إجراءات الحصار بإحكام على الطرق الحيوية منذ مطلع سبتمبر الماضي، واعتمدت سياسة استهداف شحنات الوقود التي يُشتبه في توجهها إلى نقاط الجيش المالي والدونزو، متذرعة بأن الإمدادات المستمرة تُسهم في استمرار الصراع. وتُعد هذه السياسة تصعيداً مباشراً ضد النفوذ الحكومي والعسكري، إذ يعاني الجيش هو الآخر من نقص الإمدادات، ما قلَّص قدرته على التحرك والتدخل لفك الحصار عن مناطق واسعة من البلاد.
ما بعد الحصار: سيناريوهات التدهور والتصعيد
الوضع الحالي يُنذر بتغيير جذري في معادلة الصراع داخل مالي، فمن جهة تمكّنت الجماعة من فرض معادلة جديدة عبر الضغط الاقتصادي والاجتماعي، ومن جهة أخرى تزداد هشاشة النظام المالي في مواجهة هذا التحدي، مما قد يدفع نحو تدخلات إقليمية أو حلول تفاوضية اضطرارية تهدف إلى شركاء سياسيين جدد أو تنازلات عملية تفرضها الجماعة على السلطات القائمة.
