أصدرت الحكومة الهولندية في 25 أكتوبر 2025 تحذيرًا أمنيًا شديد اللهجة دعت فيه جميع مواطنيها إلى مغادرة مالي فورًا، بما في ذلك العاصمة باماكو، بعد تصنيف البلاد بأكملها في المنطقة “الحمراء” من حيث مستوى الخطر. وأكدت وزارة الخارجية الهولندية أن الوضع الأمني في مالي “هش وغير قابل للتنبؤ”، وأن خطر الهجمات المسلحة والاختطاف مرتفع جدًا حتى داخل العاصمة، مضيفة أن السفارة الهولندية لن تكون قادرة على تقديم المساعدة القنصلية في حالة الطوارئ، وأن من بقي في البلاد عليه مغادرتها “إذا أمكن ذلك بأمان” .
خلفية قرارات فرنسا والولايات المتحدة
يأتي التحرك الهولندي بعد خطوات مماثلة من كل من فرنسا والولايات المتحدة اللتين دعتا مطلع أكتوبر رعاياهما إلى تجنب السفر إلى مالي ومغادرتها فورًا بسبب تصاعد أعمال العنف وهجمات الجماعات المسلحة الموالية لتنظيم القاعدة، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية الحادة التي تهدد البلاد. وأكدت واشنطن وباريس أن باماكو لم تعد آمنة حتى للدبلوماسيين أو العاملين في المنظمات الدولية، مع تزايد التقارير عن تعرض طرق الإمداد والبعثات لهجمات متكررة .
الأزمة الخانقة في الوقود
تأتي هذه التحذيرات في ظل أزمة وقود غير مسبوقة في مالي شلت الحياة اليومية في باماكو ومعظم المدن الكبرى، بسبب حصار تفرضه “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم القاعدة على طرق الإمداد القادمة من دول الجوار السنغال و ساحل العاج وغينيا وتشير التقارير إلى أن مئات الشاحنات المحملة بالمحروقات احترقت في المحاور المؤدية الى بماكو من جهات كاي و سيكاسو و سيغو و مُنعت عشرات من المرور نحو الداخل، ما تسبب في طوابير طويلة أمام محطات التزود بالوقود، وشح واسع في المواد الأساسية .
قراءة عامة
تتداخل الأزمة الأمنية والاقتصادية في مالي اليوم في مشهد متدهور ينذر بتصاعد عدم الاستقرار. قرار هولندا بإجلاء رعاياها جاء ليكرس واقعًا بات واضحًا: العاصمة باماكو، التي كانت تُعد آخر مناطق الأمان النسبي، لم تعد بمنأى عن دوامة العنف والانهيار الامني و الاقتصادي. ومع انقطاع الإمدادات وارتفاع الأسعار، تبدو البلاد على حافة أزمة إنسانية واسعة، بينما تتزايد عزلة النظام العسكري عن المجتمع الدولي.
