أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة، السماح بمغادرة موظفيها غير الأساسيين وأفراد عائلاتهم من مالي، في خطوة تعكس حجم القلق المتزايد في واشنطن حيال تدهور الوضع الأمني في هذا البلد الواقع بغرب إفريقيا، بحسب ما نقلت وكالة “رويترز”.
وقالت الخارجية الأمريكية في بيانها إن الحكومة “غير قادرة على تقديم الخدمات الروتينية أو الطارئة للمواطنين الأمريكيين خارج العاصمة باماكو نتيجة المخاطر الأمنية المتصاعدة”، مؤكدة استمرار التحذير من السفر إلى مالي عند المستوى الرابع، وهو الأعلى في سلم التحذيرات الدبلوماسية ويعني “عدم السفر”.
حصار خانق وهجمات متصاعدة
يأتي القرار الأمريكي في ظل حالة اختناق أمني ومعيشي تخيم على العاصمة المالية، بعد أسابيع من تصعيد الهجمات في محيط باماكو على أيدي جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي توسع منذ أشهر رقعة نفوذها لتشمل الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة.
وتقول مصادر محلية إن الجماعة فرضت حصاراً فعلياً على باماكو عبر استهداف محاور الطرق الحيوية الثلاثة: باماكو–سيغو، باماكو–كاي، وباماكو–سيكاسو، وهي الشرايين التي تزود البلاد بالوقود والمواد الأساسية. وأدى ذلك إلى ندرة حادة في الوقود، شلّت حركة النقل وتسببت في توقف واسع للأشغال والمشاريع الخدمية.
الحياة تتوقف والتعليم ينهار
انعكست أزمة الوقود وانعدام الأمن على القطاعات الحيوية، إذ أعلنت العديد من المدارس والجامعات تعليق الدراسة، بينما بات انقطاع الكهرباء ونفاد البنزين عائقاً أمام وصول الأساتذة والطلاب إلى فصولهم. أحياء كاملة في باماكو تعيش على وقع الظلام والعجز عن التنقل، ومدن خارج بماكو تعيش عدة أسابيع بدون كهرباء ولا وقود.
تضييق اجتماعي وقيود متشددة
في موازاة ذلك، يفرض المسلحون قيوداً اجتماعية متزايدة على السكان في المناطق المحيطة بالعاصمة، إذ أفادت مصادر محلية بأن الجماعة باتت تلزم النساء بارتداء الحجاب عند مغادرة باماكو، مع تهديد كل من يخالف بالتعرض للمساءلة على الطريق.
وتأتي هذه التطورات في وقت يواجه فيه المجلس العسكري الحاكم ضغوطاً داخلية ودولية متزايدة، وسط تساؤلات عن قدرته على استعادة السيطرة وتأمين شرايين البلاد الحيوية في ظل تمدد الجماعات المسلحة وتراجع الدعم الدولي عقب انسحاب القوات الغربية والاعتماد على المرتزقة الروس.
