أعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، الموالية لتنظيم القاعدة، مساء يوم الخميس 23 أكتوبر 2025 فرض حصار خانق على مدينة ليري الواقعة في ولاية تومبكتو .
وفي مقطع صوتي نشر باللغة الفلانية، طلبت الجماعة من السكان المدنيين مغادرة المدينة خلال 48 ساعة قبل دخول الحصار حيز التنفيذ، في خطوة تؤكد توسيعها المتواصل لسيطرتها ونفوذها في مناطق استراتيجية كانت خاضعة للجيش المالي ومرتزقة الفيلق الروسي المعروف سابقا باسم فاغنر.
هذا الحصار يأتي في سياق حملة استهداف متواصلة من الجماعة لعدة مدن مالي، مثل نافونكي ونيورو وكاي وباماكو وسيكاسو، حيث فرضت حصارات محكمة منذ بداية سبتمبر 2025 أدت إلى شلل في حركة النقل والإمدادات، خصوصاً إمدادات المحروقات، مما تسبب في أزمة وقود حادة غير مسبوقة في مالي. وأدى ذلك إلى نفاد البنزين تقريباً في غالبية المدن، مع تدمير مئات الصهاريج المحملة بالوقود في هجمات متواصلة، ما أوقف بشكل كامل تدفق الوقود إلى العاصمة باماكو وغيرها من المدن.
غياب الوقود تسبب في أزمات متفرقة في مختلف القطاعات من قطع كهرباء متكرر إلى شلل في النقل العام والخاص، وأدى إلى ارتفاع مضطرد في أسعار المواد الغذائية والنقل، مع تراجع أنشطة الحرفيين والتجارة بنسبة تصل إلى 50%. الأوضاع الأمنية تدهورت بسبب طول الطوابير أمام محطات الوقود وقلة المولدات العاملة، مما أدى إلى رفع حالة التوتر والفوضى في الشارع المالي.
التحذير الأمريكي: تداعيات أمنية وصحية
في ظل هذه الأجواء المتشنجة، حذرت السفارة الأمريكية في مالي مواطنيها اليوم الخميس 23 أكتوبر من الوضع المتدهور في البلاد، مؤكدة على استمرار تأثير الأزمة في إمدادات البنزين والديزل في المدن المالية بما فيها باماكو. السفارة أوصت الأمريكيين المقيمين بتقليل التنقلات غير الضرورية وضمان تزويد سياراتهم بالوقود إذا أمكن، مع الإشارة إلى محدودية قدرة السفارة على تقديم الخدمات الطارئة ودعم المواطنين خارج العاصمة. النصيحة جاءت في ظل اختمار مخاوف أمنية حيث قد يؤدي شح الوقود وتأثيراته على البنية التحتية حسب السفارة الأمريكية « إلى تفاقم الاضطرابات الأمنية ».
كما تفاقمت العلاقات الأمريكية المالية مؤخراً بسبب قيود تأشيرات متبادلة وقرارات مالية متعلقة بحماية الحدود، مما يشير إلى توتر دبلوماسي في وقت يحاول فيه الطرفان إعادة ترتيب شراكتهما.
هذا الحصار على ليري وغيره من الحصارات التي فرضتها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين ليست سوى جزء من استراتيجية للجماعة لإضعاف الجيش المالي والمرتزقة الروس عبر استهداف خطوط الإمداد الاقتصادية الحيوية، خاصة الوقود، والذي يمثل شريان حياة للمدن الكبرى.
الأزمة الاقتصادية الحادة الناجمة عن نقص الوقود تعكس هشاشة الدولة المالية في إدارة أزماتها الأمنية والاقتصادية، وتكشف عن تداخل الأبعاد الأمنية مع حياة المدنيين اليومية، الذين باتوا ضحايا الحصار والحرب الخاصة التي تخوضها الجماعة المسلحة.
المصدر: الزلاقة + النهضة
