
شهدت مالي خلال الأيام الأخيرة تصعيدًا ملحوظًا في هجمات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، الذراع التابعة لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل، حيث نفذت الجماعة سلسلة من العمليات المتزامنة ضد مواقع مختلفة للجيش المالي والفيلق الإفريقي في ولايات كاي، سيكاسو، كوليكورو بمالي ، وتومبكتو و غاو بأزواد.
كمائن متكررة وهجمات منسقة
أعلنت الجماعة صباح الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 عن تنفيذ كمين معقد بين منطقتي جيما وجومالا بولاية كاي، استهدف وحدة من الجيش المالي وأسفر، وفق مصادر محلية، عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف القوات الحكومية. ويعكس هذا الهجوم مستوىً متقدمًا من التنسيق الميداني، بالنظر إلى أنه الثالث في نفس الولاية خلال 72 ساعة فقط .
ففي السادس من أكتوبر، كانت الجماعة قد استهدفت قافلة عسكرية ماليّة بين جيما وجانغونتي كامرا بعبوة ناسفة موجهة، ما أدى إلى تدمير مركبة عسكرية وسقوط قتلى وجرحى من طاقمها. كما نفذت صباح اليوم التالي تفجيرًا آخر ضد رتل للجيش المالي بين جومالا وتورودو، مخلّفة خسائر بشرية ومادية جديدة.
امتداد العمليات إلى ولايات أخرى
تزامنت هذه الهجمات مع تفجير آخر استهدف دورية للجيش المالي بين كالفور وجيني بولاية كوليكورو، في هجوم يعكس سعي الجماعة إلى توسيع نطاق عملياتها لتشمل مناطق قريبة من العاصمة.
وفي جنوب البلاد، شنت الجماعة كمينًا ضد الجيش المالي بين كولونديبا وكاندجانا بولاية سيكاسو مساء الاثنين، ما أسفر عن خسائر فادحة وإحراق صهاريج وقود عسكرية، أعقبه هجوم آخر على بوابة عسكرية في كوتيالا، انتهى بالسيطرة المؤقتة على الموقع والاستيلاء على أسلحة وذخائر.
تفجيرات في أزواد وتحدي السيطرة
لم تقتصر العمليات على الجنوب والغرب فقط، إذ أعلنت الجماعة أيضًا استهداف دورية للجيش المالي والفيلق الإفريقي في نيافونكي بولاية تومبكتو، ما أدى إلى تدمير المركبة ومقتل من كانوا على متنها، في مؤشر على استمرار نفوذها في مناطق أزواد التي تشهد حضورًا مكثفًا للمجموعات الجهادية.
كما أعلنت الجماعة يوم أمس عن تفجير سيارة تابعة للجيش المالي والفيلق الإفريقي في منطقة إينوكر قرب غاو، أسفر عن مقتل أربعة عناصر من الجيش وعدد من أفراد مليشيا موالية للجنرال غامو، التي تشارك في القتال إلى جانب القوات الحكومية و الفيلق الإفريقي
تراجع ميداني للقوات الحكومية
تُظهر هذه الهجمات المتتابعة أن الجماعة باتت قادرة على تنفيذ عمليات متزامنة في أكثر من جبهة داخل البلاد، مستفيدة من هشاشة البنية الأمنية وضعف التنسيق بين الجيش المالي والفيلق الإفريقي المدعوم من روسيا. وتشير المعطيات الميدانية إلى أن كثيرًا من القواعد العسكرية في أزواد باتت تحت حالة حصار فعلي، حيث لا يمكن للقوات الحكومية التحرك إلا تحت حماية جوية من الطائرات أو المروحيات.
تزامن هذا مع تمدد نفوذ الجماعات المسلحة ذات الطابع المحلي، وفي مقدمتها جبهة تحرير أزواد التي أعادت فرض سيطرتها على مناطق واسعة في ولاية كيدال ، ما زاد من قواتها وتمددها في المنطقة.
ملامح مرحلة جديدة من الصراع
تدل التطورات الأخيرة على دخول مالي مرحلة جديدة من الصراع، يتراجع فيها نفوذ الدولة لصالح الجماعات المسلحة ذات المرجعيات المختلفة، سواء الجهادية أو الأزوادية.
وعلى الرغم من الدعم الكثيف الذي تلقته مالي من روسيا مؤخرا خصوصا بعد سقوط نظام الأسد في سوريا ، إلا أن الكفة تميل يوما بعد آخر لصالح الجماعات المسلحة.