
شهد إقليم أزواد تصعيدًا عسكريًا لافتًا خلال الأيام القليلة الماضية، حيث شنت جبهة تحرير أزواد (FLA) سلسلة من الهجمات المنسقة باستخدام طائرات مسيرة انتحارية، استهدفت مواقع للقوات المسلحة المالية وقوات “الفيلق الإفريقي” الروسية المتحالفة معها. وتزامنت هذه العمليات مع احتفالات مالي بعيد استقلالها، مما أضفى عليها بعدًا سياسيًا ورمزيًا إضافيًا.
ضربات دقيقة وخسائر جسيمة
بدأت الهجمات يومي 21 و 22 سبتمبر، حيث أعلن الجيش الأزوادي في بيان رسمي أن وحداته نفذت عمليات عسكرية نوعية في عدة مدن شمالية. ففي 21 سبتمبر، استهدفت طائرة مسيرة تجمعًا عسكريًا في مدينة أجلهوك بولاية كيدال، بينما تركزت الهجمات في 22 سبتمبر على مقر المقاطعة ومفوضية الشرطة في تساليت، بالإضافة إلى معسكر للجيش المالي في مدينة غوندام بولاية تومبكتو.
ووفقًا للمصادر، كانت الضربات “دقيقة” وموجهة نحو تجمعات الجنود الماليين والروس أثناء استعدادهم أو مشاركتهم في احتفالات الاستقلال، ما أسفر عن خسائر “جسيمة” في الأرواح والمعدات. وقد أكدت مصادر محلية وقوع قتلى وجرحى، خصوصًا في تساليت حيث استهدف موقع أمني مرتين متتاليتين، مما أدى إلى حالة من الهلع بين القوات المستهدفة.
وفي تطور لاحق، أفادت مصادر محلية وعسكرية أن جبهة تحرير أزواد نفذت عملية أخرى في مدينة ليري مساء الثلاثاء 23 سبتمبر 2025، باستخدام طائرتين انتحاريتين استهدفتا معسكرًا يضم جنودًا ماليين وروسًا، ما أدى إلى خسائر مادية وبشرية فادحة.
استراتيجية هجومية ورسالة سياسية
يُعتبر تكرار استهداف مواقع حساسة في مدن رئيسية مثل تساليت، أجلهوك، غوندام وليري، إلى جانب الهجمات السابقة على قوافل عسكرية، دليلًا على تغير في استراتيجية جبهة تحرير أزواد. فبحسب المراقبين، تعكس هذه الهجمات الانتقال من مرحلة الدفاع إلى استراتيجية هجومية تهدف إلى إضعاف سيطرة الدولة المالية على إقليم أزواد.
الهجمات الأخيرة، على وجه الخصوص، وُصفت بأنه رسالة واضحة إلى السلطات الانتقالية في باماكو، مفادها رفض ما يُسمى “الاستقلال الوهمي”، في إشارة إلى احتفالات مالي بالذكرى الخامسة والستين لاستقلالها. وتزامن هذا التصعيد مع تصريحات للمتحدث باسم جبهة تحرير أزواد على قناة “فرانس 24″، أعلن فيها أن هدف الحركة يتمثل في “الاستقلال الكامل عن مالي وبناء دولة أزواد”، مؤكدًا رفضهم لأي حوار مع المجلس العسكري الانقلابي في باماكو.
ويرى مراقبون أن هذا التطور الميداني يعزز من حضور الجبهة على الأرض، ويجعلها رقمًا أساسيًا في معادلة القوة في منطقة الساحل، خصوصًا مع تصاعد قدراتها العسكرية في استخدام الطائرات المسيرة التي باتت قادرة على ضرب مواقع عسكرية متفرقة بشكل متوازٍ.
وأكد الجيش الأزوادي أن هذه العمليات تأتي ضمن “استمرار كفاحه لتحرير أرض أزواد وتحييد قوات الاحتلال”، مشيرًا إلى أنه سيكشف لاحقًا عن تفاصيل إضافية وصور توثق الضربات.