في تطور أمني لافت على الساحة المالية، أعلنت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” مسؤوليتها عن هجوم دامٍ استهدف معسكرًا للجيش المالي في مدينة جورا الواقعة بولاية موبتي بإقليم ماسينا، ظهر الجمعة 23 مايو 2025، مؤكدة إحكام السيطرة الكاملة عليه.
وفي بيان أولي نشرته مؤسسة الزلاقة، الذراع الإعلامية للجماعة امس الجمعة، وصفت الهجوم بأنه “ضربة نوعية ضد العدو”، دون تحديد لحجم الخسائر في صفوف الجيش المالي. غير أن الجماعة عادت لتُصدر بيانًا تفصيليًا مساء السبت 24 مايو، كشفت فيه عن مقتل 40 عنصرًا من الجيش المالي، إضافة إلى غنائم عسكرية ضخمة شملت 6 آليات، و4 رشاشات عيار 14.5 ملم، و5 دوشكات، و13 رشاشًا من نوع بيكا، و4 قاذفات آر بي جي، و57 بندقية كلاشينكوف، و4 مسدسات، و2 هاون، و126 مخزن ذخيرة، و162 صندوقًا للذخيرة، و36 شريطًا للبيكا، و16 قذيفة آر بي جي، إلى جانب أمتعة وتجهيزات عسكرية متنوّعة. كما تم تدمير 21 آلية عسكرية بينها 3 مدرعات، ما يعكس شدة الضربة وحجم الخسائر التي لحقت بالجيش المالي في هذه العملية المفاجئة.

أهمية الموقع ودلالات الهجوم
تكمن أهمية مدينة جورا في موقعها الاستراتيجي داخل منطقة موبتي، والتي تشهد نشاطًا مكثفًا لعدة جماعات مسلحة، من أبرزها كتيبة ماسينا التابعة للجماعة نفسها. ويُعد هذا الهجوم استمرارًا لتصاعد هجمات الجماعة، وتأكيدًا على تحولها من حرب العصابات إلى استراتيجيات السيطرة الميدانية المؤقتة.
ويرى مراقبون أن هذا الهجوم يمثل انتكاسة جديدة للجيش المالي، رغم ما يتلقاه من دعم روسي من خلال مجموعة فاغنر و”الفيلق الإفريقي”، مشيرين إلى أن الجماعة باتت قادرة على ضرب أي موقع عسكري في البلاد، حتى في ظل حالة التعبئة والاستنفار.
تزامن سياسي وعسكري
اللافت أن هذا الهجوم تزامن مع زيارة وزير الدفاع الانقلابي ساديو كامرا إلى مدينة كيدال ، في أول زيارة له منذ احتلالها من قبل فاغنر في نوفمبر 2023. وتُعدّ كيدال نقطة اشتباك حساسة بين الدولة المالية والحركات الأزوادية، وبالتالي فإن تنفيذ ضربة في وسط البلاد في هذا التوقيت يمثل رسالة مزدوجة تؤكد هشاشة الوضع الأمني وفشل الطمأنة الرسمية.
قلق شعبي وصمت رسمي
في الوقت الذي يواصل فيه الإعلام الحكومي والسلطات المالية التزام الصمت التام حيال الحادث، تسود حالة من القلق والذعر في أوساط السكان المحليين، الذين يجدون أنفسهم بين المطرقة و السندان: بين الجماعات المسلحة الجهادية من جهة، والجيش المالي المدعوم بفاغنر من جهة أخرى، في ظل تقارير متكررة عن انتهاكات بحق المدنيين.


سياق تاريخي: هجوم سابق في سبتمبر 2023
تجدر الإشارة إلى أن الحركات الأزوادية كانت قد هاجمت نفس المعسكر في 28 سبتمبر 2023، ما أسفر عن السيطرة الكاملة عليه، ومقتل 98 جندي مالي، وأسر عدد آخر ما زال بعضهم محتجزًا لدى جبهة تحرير أزواد حتى اليوم.