
في مقابلة حاسمة مع فرانس 24، حذر الدبلوماسي التونسي والرئيس الأسبق لبعثة الأمم المتحدة في مالي (المينوسما) المنجي حمدي من خطر اندلاع حرب أهلية جديدة في مالي، مؤكدًا أن الوضع يتدهور بشكل خطير في ظل سياسات القمع والإنكار التي تتبعها السلطة العسكرية الحالية بحق سكان أزواد، خصوصًا الطوارق والعرب.
عقد من التوتر… ومسار سلام لم يُحترم
استعاد حمدي فترة عمله على رأس البعثة الأممية عام 2014، حيث لعب دورًا محوريًا في التفاوض على اتفاق الجزائر للسلام والمصالحة الموقع عام 2015 بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية المسلحة. وأوضح أن هذا الاتفاق لم يكن مع الجماعات الجهادية، بل مع حركات وطنية تحمل مطالب سياسية مشروعة.
غير أن الحكومة المالية، حسب قوله، فشلت في تنفيذ التزاماتها، وتعمقت الأزمة أكثر بعد الانقلابين العسكريين في 2020 و2021، عندما اتخذ المجلس العسكري الحاكم نهجًا تصادميًا ضد فرنسا والجزائر، رغم أنهما كانتا أبرز داعمين لاستقرار مالي. فرنسا كانت قد أوقفت تمدد الجماعات الجهادية نحو العاصمة باماكو عام 2013 عبر عملية سيرفال، فيما احتضنت الجزائر مفاوضات السلام الشاملة.
من الحوار إلى القمع.. ومن الشركاء إلى المرتزقة
انتقد حمدي بشدة تحالف المجلس العسكري مع روسيا ومجموعة فاغنر، مؤكدًا أن هذا التحول الجيوسياسي قاد إلى ممارسات دموية، من بينها احتلال مدن كيدال، تمبكتو، وغاو، وارتكاب مجازر ضد المدنيين، وتهجير واسع النطاق للسكان المحليين.
“فرّ أكثر من 400 ألف شخص من ديارهم، وقُتل الآلاف. إنها مذبحة مستمرة حتى اليوم. إنها مأساة حقيقية”، يقول حمدي.
لا تخلطوا بين المطالب العادلة والإرهاب
انتقد حمدي حملات التضليل التي تقودها الحكومة المالية، والتي تسعى لتصوير كل الحركات المسلحة في أزواد على أنها تنظيمات إرهابية. وأكد أن هناك فرقًا واضحًا بين الجماعات الجهادية مثل القاعدة و داعش، وبين الحركات الأزوادية السياسية كـ الحركة الوطنية لتحرير أزواد والحركة العربية الأزوادية، والتي وقعت اتفاق الجزائر وتسعى إلى الكرامة، العدالة، وحكم ذاتي حقيقي.
“هؤلاء ليسوا إرهابيين، بل أناس مسالمون يريدون فقط أن يعيشوا حياة طبيعية. إنهم يريدون السلام، لكن ليس على حساب كرامتهم”، يضيف حمدي.
الطريق إلى الأسوأ ما لم يحدث تغيير
يختم المنجي حمدي رسالته برسالة تحذيرية واضحة:
“مالي تتجه نحو وضع أسوأ. لأن الشعب الأزوادي لن يتخلى أبدًا عن حقه في تقرير المصير. أما فاغنر، فهم مرتزقة، وسيرحلون عاجلًا أم آجلًا. لكن الأزمة ستبقى إن لم تُحل جذورها السياسية.”
نداء عاجل
دعا حمدي المجتمع الدولي إلى التمييز بين المطالب السياسية العادلة والإرهاب، والتدخل لمنع انزلاق البلاد نحو صراع أهلي دموي، يبدأ من أزواد وقد يمتد إلى عموم الساحل الإفريقي.