أعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، المرتبطة بتنظيم القاعدة، عن ما وصفتها بـ المرحلة الثانية من الحصار المفروض على العاصمة المالية بماكو، وذلك في تسجيل مرئي جديد للناطق باسمها، أبو حذيفة البناري (بينا ديارا)، تضمن رسائل مباشرة للسكان والسلطات، وتهديدات تطال شركات أساسية في قطاع الوقود والنقل.
اتهامات للسلطات وتحذيرات للسكان
وفي بداية التسجيل، اتهم ديارا السلطات المالية بقيادة الانقلابي أسيمي غويتا بـ”استغلال” القرى والسكان، عبر تشجيعهم على مواجهة الجماعة، قبل تركهم يواجهون المصير وحدهم. وقال إن بعض القرى وقّعت اتفاقات مع الجماعة بناء على توجيهات من السلطات، ثم تعرضت لاحقًا لهجمات حكومية بذريعة تعاونها مع المسلحين.
وأضاف أن كل من “قدّم دعمًا للسلطات سيتم اسهدافه”، داعيًا السكان إلى “الحذر وعدم الانخراط في الميليشيات المحلية”.
الأسرى الماليون: ملف مهمل؟
وتوقف المتحدث عند ملف الجنود الأسرى لدى الجماعة، موضحًا أن بعضهم طالب بالظهور في مقاطع مصوّرة أملاً في تحرك الجيش، إلا أن السلطات – كما يقول – لم تُبدِ أي اهتمام. وأكد أن الحكومة تبادر إلى التفاوض حين يكون الرهينة أجنبيًا، “لكنها لا تقوم بالخطوة نفسها تجاه الماليين من جنود ومدنيين”.
شركة “ديارا للنقل”: بين اتهامين متناقضين
وتحدث ديارا عن شركة Diarra Transport، مبينًا أن الجماعة كانت قد أوقفتها في السابق للاشتباه بنقلها معدات للجيش، لكنها عفت عنها لاحقًا بعد اعتذار ممثليها. غير أن السلطات – بحسب قوله – هي من حظر نشاط الشركة مؤخرًا، ثم اتهمتها زورًا بالتواصل مع الجماعة.
حادثة والده: رسالة تحدٍّ للجماعة
وأكد المتحدث باسم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أن الرجل الذي ظهر في فيديو سابق هو والده البالغ من العمر 90 عامًا، مشيرًا إلى أن السلطات أجبرته على الإدلاء بتصريحات ضده. وقال إن ما جرى “لن يثنيه عن مواصلة القتال”، وإن والده “لديه أبناء في الجيش والحكومة والجماعة”
الحوار مع الجماعة: بين النفي والإثبات
وجدد ديارا التأكيد على أن الجماعة لم توقف قنوات الحوار، وأن الاتصالات لم تنقطع حتى بعد مجيء تحالف دول الساحل (AES) إلى الحكم في باماكو، مشيرًا إلى أن السلطات تنفي ذلك علنًا، لكنها “تفاوض حين يتعلق الأمر برهائن أجانب”.
تحولات اجتماعية وانعكاسات الأزمة على المجتمع
ولفت المتحدث إلى ما وصفه بتراجع مظاهر “الانحلال” في المدن، وازدياد عدد النساء اللواتي يرتدين الحجاب، وانخفاض النشاط في النوادي الليلية، معتبرًا أن هذه التحولات نتاج للأزمة الراهنة، وأن استمرارها قد يسهم في تقليل حدة النزاع.
ودعا القرى إلى عدم تشكيل ميليشيات محلية، قائلاً إن على السكان الاختيار بين الجيش والجماعة أو الحياد التام، ومهددًا بمعاملة أي جماعة مسلحة محلية كهدف مباشر، كما حدث – حسب قوله – في منطقة لولوُني.
أزمة الوقود: نحو خنق العاصمة
وشكلت أزمة الوقود محورًا أساسيًا في خطاب ديارا، إذ أكد أن ما يعيشه سكان العاصمة اليوم هو نتيجة مباشرة لسياسة الحكومة التي منعت بيع الوقود في القرى خوفًا من وصوله إلى المسلحين.
وقال إن سكان بماكو “لم يتضامنوا مع المناطق التي عاشت حصارًا مشابهًا”، وإن الجماعة قررت “فرض معاملة بالمثل” عبر تشديد الخناق على العاصمة.
استهداف الشركات واعتبار السائقين أهدافًا عسكرية
وخص المتحدث شركة NDC، أكبر مزود للوقود في البلاد، بالتهديد المباشر، معتبرًا أنها “انضمت إلى قائمة الأعداء” لاستمرارها في العمل رغم التحذيرات.
وأعلن ديارا عن تغيير جذري في قواعد الاشتباك، قائلاً:
“لن نأخذ أسرى من سائقي شاحنات الوقود بعد اليوم. كل سائق سيُعامل كعسكري”.
ويعد هذا الإعلان من أخطر ما جاء في الفيديو، إذ ينذر بتصعيد ميداني قد يطال العمود الفقري لإمدادات الطاقة والنقل في مالي.
“التوبة” أو التصعيد… رسالة إلى سكان العاصمة
وختم ديارا رسالته بالتأكيد على أن مستقبل الحصار مرتبط بردود أفعال السكان، قائلاً إن “توبة الناس وتخليهم عن دعم السلطة” سيؤدي إلى تخفيف الأزمة، أما استمرارهم في تأييد الحكومة فقد يدفع الجماعة إلى مزيد من التشديد والتصعيد.
