
أصدرت جمعية “كل أكال” تقريرها الشهري لشهر سبتمبر 2025، كاشفةً عن سلسلة من الجرائم والانتهاكات المروّعة التي طالت المدنيين العزل. التقرير جاء ليؤكد من جديد أن أزواد ليست فقط ساحة حرب، بل أصبحت مقبرة صامتة لحقوق الإنسان، حيث يُقتل الأبرياء وتُباد قطعانهم وتُنهب ممتلكاتهم، فيما يواجه العالم هذه الكارثة بصمت يثير الرعب أكثر من أصوات المدافع والطائرات المسيّرة.
الإعدامات الميدانية: الدم المسفوك بلا محاكمة
وفقاً للتقرير، تم تسجيل أربع عشرة (14) حالة إعدام واغتيال مستهدف خلال سبتمبر. من بينها قصة الشاب الطارقي أوسا أغ عليو، الذي أُعدم ميدانياً في سيفاري، وغارات الطائرات المسيرة التي قتلت نساءً وأطفالاً في مناطق كيدال وجنششي. هذه ليست مجرد أعداد في تقرير، بل أرواح أُزهقت بلا ذنب، في انتهاك صارخ لكل القوانين الإنسانية والدينية والدولية.
الاختطاف والتعذيب: الخوف يحاصر القرى
ست (6) حالات اختطاف واختفاء قسري وثقتها “كل أكال”، بينها اعتقال أئمة وزعماء محليين في تمبكتو وكيدال. ما يحدث ليس مجرد فقدان للأشخاص، بل استهداف متعمد لرموز الاستقرار والمرجعية المجتمعية، لتبقى القرى والقبائل فريسة للترهيب، بلا قيادة ولا ملاذ.
نهب وتدمير… وحتى الماشية لم تسلم
التقرير يصف مشاهد النهب في هكيا وتمبكتو وأجورا، حيث صودرت سيارات وأُحرقت دراجات نارية ودُمّرت معدات التعدين. حتى الماشية، قلب حياة الأزواديين وعماد اقتصادهم الرعوي، أصبحت هدفاً للذبح الجماعي والسرقة المنظمة. كأن الهدف ليس فقط تدمير البشر، بل محو مقومات بقائهم وتشريدهم من أرضهم.
أضرحة الألم: النساء والأطفال في مرمى الطائرات
ما يثير الفزع أكثر هو أن الأمهات والأطفال لم يسلموا من هذه الحرب. في القرى التي تعرضت للقصف، سقطت جثث النساء والأطفال وسط البيوت المدمرة. البعض نجا جسداً لكنه ظل عالقاً في صدمة رهيبة، يطاردهم صوت الطائرات المسيّرة وانفجارات المدفعية.
جراح البيئة: الحرب لا تعرف حدوداً
حتى الطبيعة في أزواد لم تنجُ من ألسنة النار. حرائق الغطاء النباتي، تلوث المياه، وانتشار الذخائر غير المنفجرة حوّلت مساحات واسعة إلى حقول موت صامتة تهدد الإنسان والحيوان على حد سواء. إنّها حرب تسعى لمحو الحياة بأكملها.
صوت الاحتجاج الأزواي
تقرير جمعية “كل أكال” ليس مجرد وثيقة لحصر الانتهاكات، بل هو صرخة موجوعة في وجه عالم أعمى وصمّ عن معاناة شعوب بأكملها. الجمعية دعت إلى فتح تحقيقات دولية عاجلة، وفرض عقوبات صارمة على الأطراف المسؤولة، معتبرة أن الصمت الدولي شراكة غير معلنة في هذه الجرائم.