
في خطابٍ ألقاه نائب الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة، ديميتري تشوماكوف، خلال جلسة مجلس الأمن، أكد أن دول تحالف دول الساحل (AES) — مالي، بوركينا فاسو، والنيجر — تحتاج إلى دعم جماعي من المجتمع الدولي، بحكم تحولها إلى خط الدفاع الأول ضد الجماعات الإرهابية في غرب إفريقيا.
غير أن هذا الخطاب الروسي، في حقيقته، لا يعكس سوى إقرار واضح بفشل موسكو في منطقة الساحل، حيث كانت هذه الدول الثلاث تعتمد بشكل شبه كامل على الدعم الروسي بعد تدهور علاقاتها مع الغرب وانسحاب قوات برخان الفرنسية.
المرتزقة بدل الجيوش
منذ ديسمبر 2021، نشرت روسيا مرتزقة فاغنر في مالي، والذين تورطوا في جرائم مروعة بحق المدنيين أكثر من استهدافهم للمتمردين أو الإرهابيين، ما أدى إلى مقتل أكثر من 3000 مدني بين عامي 2022 و2025، بحسب تقارير حقوقية مستقلة.
وعقب الانقلابات في بوركينا فاسو ثم النيجر في 2023، توسع نفوذ المرتزقة الروس ليشمل الدول الثلاث، حيث تم الاعتماد عليهم في الأمن والدعم السياسي وحتى الاقتصادي، وخاصة في مالي التي تسند إليهم مهمة تأمين قواعدها العسكرية في أزواد ومنطقة ماسينا.
هزائم متتالية على يد الجيش الأزوادي
رغم الاستعانة الروسية المكثفة، تلقت قوات الفيلق الروسي الموالي لموسكو أكبر هزيمة لها في إفريقيا خلال معركة تين ظواتين، بين 25 و27 يوليو 2024، حيث قُتل نحو 100 مرتزق روسي على يد الجيش الأزوادي.
ولم تكن هذه نهاية الخسائر، ففي 8 يونيو 2025، خاض الجيش الأزوادي معركة شرسة في منطقة أنو ملان بولاية كيدال، أسفرت عن مقتل العشرات من المرتزقة الروس والاستيلاء على نحو 20 سيارة وشاحنة عسكرية روسية، كانت بحوزتهم.
وفي 14 يوليو 2025، نفذ الجيش الأزوادي كمينًا محكمًا ضد القوات المالية ومرتزقة الفيلق الروسي، تمكن فيه من الاستيلاء على مدرعة وسيارتين وعدد من الأسلحة، ما أدى إلى فرار القوات المالية والروسية من موقع المعركة.
خلاصة
رغم محاولات موسكو تصوير تدخلها في الساحل كجزء من دعم دول المنطقة في مكافحة الإرهاب، إلا أن الواقع الميداني يكشف عجزها عن حماية حلفائها أو تحقيق أي استقرار. بل إن الاعتماد على المرتزقة الروس عمّق الانقسامات وأشعل موجات عنف جديدة، وجعل هذه الدول غارقة في المزيد من الدماء والفوضى.
وإذ تطالب روسيا اليوم بدعم دولي لتحالف AES، فهي في الواقع تطلب إنقاذ مشروعها الفاشل في الساحل، الذي أثبت عجزه في مواجهة التحديات الأمنية، أمام مقاومة محلية فعالة تقودها قوى أزوادية تعرف الأرض والتاريخ، وتقاتل من أجل الحرية، لا من أجل المال أو النفوذ.