في تطور لافت يُنذر باتساع رقعة الاستهداف المسلح ضد المصالح الاقتصادية الأجنبية في مالي، شنّ مسلحو جماعة نصرة الإسلام والمسلمين هجومًا جديدًا ليلة 6 إلى 7 أغسطس 2025 على مصنع السكر الواقع في منطقة بيواني بولاية سيغو وسط البلاد. وقد أسفر الهجوم عن إحراق المصنع بالكامل والاستيلاء على إحدى المركبات، فيما تم تدمير عدد آخر من السيارات والمرافق التابعة للمصنع.


الهجوم الجديد يأتي بعد أقل من أسبوع من عملية مشابهة استهدفت مصنع السكر في سوكالا (دوغابوغو)، الذي تديره أطقم صينية، وأسفرت عن تدميره واحتجاز 6 من العمال الصينيين، إضافة إلى السيطرة على نقطة عسكرية تابعة للجيش المالي في ذات المنطقة. الجماعة نشرت بيانًا أكدت فيه اغتنامها 8 آليات عسكرية، و12 بندقية كلاشنيكوف، وسلاح بيكا، ومسدسين، إضافة إلى 22 مخزن ذخيرة وكميات كبيرة من العتاد.
ولم يقتصر الأمر على المصانع، بل شمل الهجوم الجديد أيضًا فرع البنك المالي للتنمية في بيواني، والذي تم اقتحامه وإحراقه، ما يؤشر إلى اتساع دائرة الاستهداف الاقتصادي لتشمل مؤسسات مالية محلية أيضًا.

ضربة قوية للمصالح الصينية
تشكل هذه الهجمات المتلاحقة ضربة قوية لمصالح الصين الاقتصادية في مالي، حيث تملك بكين 60% من مصنع بيواني، بينما تملك الجبهة الحاكمة في باماكو 40% فقط. وتُعد هذه المصانع من أكبر المشاريع الزراعية والصناعية في البلاد، وتوظف مئات العمال المحليين وتُساهم بشكل مباشر في الأمن الغذائي لسكان مالي.
ويُشير توقيت هذه الهجمات إلى استراتيجية واضحة لدى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تستهدف إضعاف الحضور الأجنبي في مالي، خاصة في القطاعات الحيوية، وهو ما يُنذر بتفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية وغياب أي رد فعّال من جانب السلطات.
تحديات أمنية متصاعدة
تعكس هذه الهجمات تصاعدًا في نشاط الجماعات الجهادية في وسط مالي، حيث تتمركز قوة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين منذ سنوات، وتستفيد من هشاشة الدولة وغياب السيطرة الكاملة للجيش المالي على المناطق النائية. ورغم الشراكة العسكرية والأمنية بين الحكومة المالية والمرتزقة الروس (الفيلق الإفريقي)، إلا أن تلك التحالفات لم تُثمر عن تحجيم نفوذ الجماعات المسلحة، بل يبدو أن تلك الجماعات باتت أكثر جرأة في تنفيذ هجمات نوعية تستهدف الدولة والمصالح الأجنبية على حد سواء.