
شهدت منطقة الساحل خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية تصعيدًا خطيرًا في وتيرة الهجمات التي شنتها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، مستهدفة مواقع ونقاط تفتيش تابعة لجيوش مالي وبوركينا فاسو والنيجر، إضافة إلى تفجيرات بواسطة العبوات الناسفة والموجهة. وتبدو هذه العمليات بمثابة محاولة مكثفة للسيطرة على بوابات عسكرية ومراكز استراتيجية، ما يعكس تحولًا في تكتيكات الجماعة نحو استنزاف قوات التحالف الإقليمي وتشتيت انتشارها.
الهجمات الأبرز في مالي
في ولاية موبتي، استهدفت الجماعة صباح اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 مركز حراسة للجيش المالي في قرية كواكورو، تبعته عملية نوعية استهدفت آلية عسكرية بعبوة موجهة خلال هجوم على بوابة بارغون (داغا) في المدخل الشمالي لمدينة موبتي. وأفادت مصادر محلية بأن الجيش المالي ردّ بإطلاق نار كثيف من عدة جهات بعد الهجوم على بوابة موبتي، في محاولة لصد المهاجمين وتأمين المنطقة.
كما استهدفت الجماعة مساء الاثنين 28 يوليو آلية عسكرية مشتركة للجيش المالي والفيلق الروسي بعبوة موجهة بين منطقتي كوتيالا وسيكاسو، ما يعكس توسع العمليات في الجنوب المالي أيضًا.
تصعيد في بوركينا فاسو
وفي ولاية كيا، استهدفت الجماعة صباح اليوم الثلاثاء 29 يوليو دورية للجيش البوركيني بعبوة ناسفة بين منطقتي بغاسالوغو وفونسا. وفي اليوم السابق الاثنين 28 يوليو، تمكنت عناصرها من السيطرة على نقطة عسكرية في بلدة دارغوي، كما نفذت تفجيرًا استهدف آلية للجيش البوركيني في قرية دياري بمحافظة لوروم.
أما صباح الثلاثاء، فقد شهدت بلدة سولي في محافظة لوروم هجومًا آخر، تمكنت خلاله الجماعة من السيطرة على مقر لميليشيات محلية موالية للجيش، في مؤشر جديد على تركيز العمليات على المراكز الريفية ونقاط الدعم اللوجستي.
ضربة في النيجر
الهجمات طالت أيضًا النيجر، حيث سيطر مسلحو الجماعة صباح الاثنين 28 يوليو على نقطة عسكرية للجيش النيجري في بلدة نمارو بولاية تيلابيري، وهي منطقة استراتيجية قرب المثلث الحدودي مع مالي وبوركينا فاسو، تشهد نشاطًا مكثفًا للجماعات المسلحة.
دلالات استراتيجية
تأتي هذه الهجمات المنسقة والمتعددة لتؤكد قدرة الجماعة على تنفيذ عمليات متزامنة عبر حدود ثلاث دول، في ظل تراجع التنسيق الأمني بين جيوش المنطقة بعد الانقلابات الأخيرة وتدهور الوضع السياسي والأمني في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
ويشير خبراء أمنيون إلى أن استهداف بوابات المدن ومراكز التفتيش العسكرية يهدف إلى:
- قطع خطوط الإمداد
- إرباك القوات النظامية
- إظهار النفوذ الميداني للجماعة في مناطق يفترض أنها تحت سيطرة الجيش.
كما أن استخدام العبوات الموجهة يعكس تطورًا تقنيًا وتكتيكيًا يرفع من مستوى التهديد ضد القوافل العسكرية والآليات المدرعة.
خلاصة
تكشف الهجمات الأخيرة حجم التحديات التي تواجهها جيوش دول الساحل، إذ نجحت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في تنفيذ ثماني عمليات مركّزة خلال 24 ساعة تقريبًا، مزجت بين الهجوم المباشر والتفجيرات والسيطرة المؤقتة على مواقع، ما ينذر بمرحلة جديدة من التصعيد قد تمتد آثارها إلى العمق الأمني والاقتصادي للمنطقة.