
تشهد مناطق واسعة من إقليم أزواد تصاعدًا خطيرًا في وتيرة الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين، وسط صمت رسمي وتجاهل دولي مقلق. ففي سلسلة أحداث دموية متلاحقة، قُتل العشرات من المدنيين وأصيب آخرون في عمليات عسكرية شنّتها القوات المسلحة المالية (فاما) بمشاركة عناصر من الفيلق الإفريقي الروسي، تحت ذريعة “مكافحة الإرهاب”.
ضربة جوية مميتة في إندليمان
بعد ظهر اليوم الجمعة ، استهدفت ضربة بطائرة مسيّرة تابعة للقوات المالية والفيلق الإفريقي الروسي منطقة أضرنتكليت قرب إندليمان بدائرة آنسنغو ولاية غاو. وأسفر القصف عن مقتل خمسة مدنيين، بينهم أربع نساء ورجل مسن، إضافة إلى إصابة نحو عشرين شخصًا بجروح متفاوتة الخطورة. ولا تزال تفاصيل الحادثة تتكشف وسط صعوبة الوصول إلى المنطقة، بينما تشير تقارير أخرى إلى قصف آخر في إضيلمان امس الخميس ضد سيارة نقل تقل مدنيين دون مزيد من المعلومات حول عدد الضحايا
إعدامات ميدانية في غوندام
وفي حادثة لا تقل بشاعة، هزّت مدينة غوندام التابعة لولاية تومبكتو يوم الثلاثاء 8 يوليو 2025، أفادت مصادر محلية موثوقة أن القوات المالية وعناصر من الفيلق الإفريقي قاموا باعتقال عدد كبير من المدنيين العزّل من الطوارق والفولان، خلال السوق الأسبوعي للمدينة. وبحسب شهادات من ميدان الحدث، تم اقتياد المعتقلين إلى كثيب إنكوركور، حيث أُجبر بعضهم على حفر قبورهم بأيديهم قبل أن يُعدموا رمياً بالرصاص.
ووفقًا للمعلومات الأولية، بلغ عدد الضحايا 13 مدنيًا، جميعهم من أبناء المجتمعيْن الفولاني والطوارقي. وتندرج هذه الجريمة في سياق تصاعد منهجي لحملات القتل خارج القانون، في غياب أي تحقيقات أو مساءلة.
مجزرة في قرية سيلا
وفي يوم الأحد 6 يوليو 2025، أي قبل مجزرة غوندام بيومين، نفّذت دورية مؤلفة من 12 مركبة تابعة للقوات المالية والفيلق الإفريقي مجزرة جديدة في قرية سيلا شمال سومبي بولاية تومبكتو. وأسفرت العملية عن مقتل 9 مدنيين من قومية الفولان، حيث قُتل 6 منهم على الفور، بالإضافة إلى أسر شخصين، بينما لا يزال شخص واحد في عداد المفقودين.
مناشدات وتحذيرات
هذه الانتهاكات المتتالية تؤكد المخاوف المتزايدة من تحول “عمليات مكافحة الإرهاب” إلى ستار تُرتكب تحته جرائم تصفية عرقية ممنهجة، خصوصًا ضد الفئات المهمّشة مثل الطوارق والفولان و العرب . وتدعو منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية إلى فتح تحقيقات عاجلة ومستقلة، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وضمان حماية المدنيين وفق القانون الدولي الإنساني.
أمام هذا التصعيد الخطير، أصبح من الضروري أن يتحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، وأن لا يبقى صامتًا تجاه ما يجري من انتهاكات ترقى إلى الإبادة الجماعة في أزواد.