
في مساء 19 مايو 2025، وفي قلب مدينة ميناكا بأزواد، أقدم مسلحون مجهولون على اختطاف السيد سيدي الباركة، أحد أبرز وجوه المجتمع المدني والإداري في المنطقة، في حادثة تعكس تدهورًا خطيرًا في الوضع الأمني بمناطق أزواد الشرقية.
بحسب شهادات محلية، تعرّض سيدي الباركة للاختطاف بينما كان عائدًا إلى منزله بعد صلاة المغرب، حيث اعترضه شخصان على متن دراجة نارية بالقرب من مسكنه، أطلقا أعيرة نارية في الهواء لترهيبه ومنعه من الفرار، ثم اقتاداه عنوة إلى جهة غير معلومة. وقد عُثر على مسبحته وحذائه في مكان الحادث، ما يدل على أنه أُخذ بشكل مفاجئ وعنيف.
شخصية متعددة المسؤوليات
ما يضفي طابعًا خاصًا وخطيرًا على هذه العملية هو المناصب العديدة التي يشغلها الضحية. فسيدي الباركة هو:
- رئيس المجتمع المدني في ميناكا
- رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات (AIGE) على مستوى الولاية
- مستشار بيداغوجي في مركز التكوين المهني (CAP) بميناكا
- الأمين العام لنقابة الاتحاد الوطني للعمال الماليين (UNTM) في الولاية
هذا التعدد في الأدوار يجعله هدفًا ذا رمزية قوية، ويطرح تساؤلات حول الجهات التي قد تسعى إلى كتم صوته أو إرباك المشهد المدني والإداري في المدينة.
تعدد الفرضيات: جهاديون أم عصابات؟
التحقيقات الأولية لم تفضِ إلى تحديد الجهة المسؤولة عن العملية. لكن عدة مصادر ترجّح احتمال وقوف تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” وراء الحادث، خصوصًا وأن التنظيم يفرض سيطرته على مساحات واسعة من المنطقة. في المقابل، لا تُستبعد فرضية الجريمة المنظمة، في ظل انتشار ظاهرة الاختطاف مقابل فدية على يد عصابات محلية.
ردود فعل وتحركات أمنية
باشرت القوات المسلحة المالية، بالتعاون مع “حركة إنقاذ أزواد” (MSA)، عمليات بحث واسعة في محيط مدينة ميناكا، بحثًا عن أي أثر يمكن أن يقود إلى مكان احتجاز سيدي الباركة. إلا أن الطبيعة الجغرافية الوعرة للمنطقة، إلى جانب الخطر الأمني المحدق، يعقّدان مهمة التتبع والإنقاذ.
أزمة ثقة في الحماية والدولة
إن اختطاف شخصية عامة بهذا الوزن، وسط المدينة وفي وضح الواقع، يطرح تساؤلات خطيرة حول قدرة الدولة على حماية مواطنيها، خصوصًا في منطقة تعيش شبه عزلة أمنية وإدارية. كما يشكّل الحادث ضربة قوية للهيئات المدنية والنقابية، التي تواجه تحديات متزايدة في بيئة تفتقر لأدنى مقومات الأمان والاستقرار.