
في 12 أبريل 2025، شهدت قرية سيبايوغو في دائرة بانامبا بمنطقة كوليكورو غرب مالي واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبتها القوات المسلحة المالية (قاما) بالتعاون مع ميليشيا فاغنر الروسية. فقد قامت القوات باعتقال أكثر من 200 شخص من سكان الفلان، قبل أن تفرج عن 66 منهم، ووفقًا لشهادات جمعتها مجلة “جون أفريك”، فإن الحصيلة العامة لهذه العمليات الدموية تتراوح بين 70 إلى 108 مدني قتلوا بدم بارد، مما يؤكد تصعيدًا خطيرًا في نهج القمع الممنهج ضد مكونات سكانية معينة.
وفي ليلة 21 إلى 22 أبريل، تم العثور على عشرات الجثث المتحللة قرب المعسكر العسكري في كوالا بمنطقة كوليكورو، وهي المنطقة نفسها التي نُقل إليها المعتقلون، مما زاد من مخاوف ذوي الضحايا الذين ما زالوا يبحثون عن مصير أبنائهم. القائمة التي تضم 54 ضحية تم التعرف على أسمائهم تعكس حجم الفاجعة والصدمة التي لحقت بالمجتمعات المستهدفة، ومعظم الضحايا كانوا من قومية الفلان، مما يؤكد مرة أخرى أن الدولة المالية لم تعد تحمي مواطنيها، بل أصبحت مصدر رعب وخوف لهم ولم تكتمل القائمة بل بل هؤلاء تم اعدامهم بشكل جماعي بينما تم إعدام مجموعة أخرى بالقرب من نفس المكان.
وفي سياق متصل، كشفت مجلة “جون أفريك” الفرنسية عن شهادات أخرى مروعة حول مجازر جديدة وقعت في مالي، حيث تورطت القوات المالية وعناصر من المرتزقة الروس التابعين لمجموعة فاغنر. وبحسب التحقيقات والشهادات التي جمعتها المجلة، فقد قُتل عشرات المدنيين بالقرب من أحد المعسكرات العسكرية في ظروف وصفت بالسرية التامة.
أحد الناجين من هذه المجازر روى قائلاً: “قام العسكريون البيض بإطلاق النار علينا بشكل عشوائي. سقطت أرضًا مثل بقية الضحايا. غادر الجنود المكان بسرعة، بينما كنت لا أزال على قيد الحياة، فتظاهرت بالموت لساعات طويلة. شاهدت حوالي 70 جثة ممددة بجواري.” وأكد شاهد آخر كان محتجزًا في المعسكر ذاته أن المجموعة التي خرجت من المعسكر تم اقتيادها إلى الإعدام الجماعي، مضيفًا: “كنت ضمن المجموعة التي بقيت داخل المعسكر عندما تم إخراج الآخرين لقتلهم.” وأوضح أن الاستجوابات شملت اتهامات بالارتباط بالجماعات الجهادية، وتم تعذيب المعتقلين قبل تنفيذ الإعدامات الجماعية.
تشير كل المعطيات إلى وجود سياسة ممنهجة تهدف إلى ترويع وإبادة مكونات سكانية معينة، من الفلان أو العرب والطوارق، من خلال التهجير القسري، والاعتقالات الجماعية، والإعدامات خارج إطار القانون، خاصة في مناطق الجنوب والوسط وأزواد.
إن الصمت الدولي أمام هذه الانتهاكات، وغياب أي تحقيق مستقل، يمنح الغطاء لهذه الممارسات البشعة. وما حدث في سيبايوغو وكوالا يُعد جريمة ضد الإنسانية بكل المعايير، ويستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا لتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة ومحاسبتهم أمام محاكم دولية مختصة.