
أصدرت جبهة تحرير أزواد بيان تعزية رسمي عبّرت فيه عن بالغ الحزن والأسى إثر وفاة المناضل إلياس أغ أيوب، زعيم قبيلة أدو سحاق، الذي وافته المنية يوم 20 أبريل 2025 بمدينة غاوا بعد صراع طويل مع المرض.

انتفاضة كيدال 1963: من الثورة إلى الذاكرة… ورحيل أحد رموز النضال
في 20 أبريل 2025، أعلنت جبهة تحرير أزواد عن وفاة المناضل الأزوادي إلياس أغ أيوب، من قبيلة أدو سحاق، والذي وافته المنية في مدينة غاوا بعد صراع طويل مع المرض. وأعربت الجبهة، في بيان صادر عن خلية الإعلام بتاريخ 20 أبريل، عن بالغ حزنها وأسفها لهذا الرحيل، ووصفت الفقيد بأنه كان من أبرز رموز النضال الأزوادي، وواحدًا من الذين دفعوا ثمن مواقفهم من أعمارهم خلف قضبان السجون في مالي، وفاءً لقضية الحرية والكرامة. واختُتم بالدعاء للفقيد بالرحمة والمغفرة، مؤكدة أن نضاله سيظل ملهِمًا للأجيال القادمة.
رحيل إلياس يعيد إلى الواجهة واحدة من أبرز لحظات الوعي السياسي والتمرد الشعبي في تاريخ أزواد، وهي انتفاضة كيدال 1963، التي شكلت أول مواجهة دامية بين الأزواديين والدولة المركزية بعد الاستقلال. فكيف بدأت هذه الانتفاضة؟ وما سياقاتها التاريخية والسياسية والاقتصادية؟ وما هي امتداداتها اللاحقة؟
كيدال: الأرض والهوية والخصوصية
تقع مدينة كيدال في أزواد، قرب الحدود مع الجزائر والنيجر، وتُعد عاصمة منطقة “أدرار إيفوغاس”، حيث يعيش الطوارق والعرب، منذ العهد الاستعماري، عبّر أهل أزواد عامة و وسكان كيدال خاصة عن رفضهم لإلحاقهم بمستعمرة السودان الفرنسي، ورفضوا الانصياع الكامل للإدارة الفرنسية، رغم اتفاقيات شكلية مع سلطات الاستعمار، بل وطالبوا الرئيس الفرنسي الجنرال ديجول في رسالة موقعة من قبل +300 زعيم من أزواد من جميع مكوناته العرقية بعدم ضمهم الى مالي التي تسمى آنذاك بالسودان الفرنسي ، هذا الموقف التاريخي شكل نواة لتحفظ دائم من الانصهار في الدولة الحديثة بحدودها القسرية وهياكلها البيروقراطية.
الدولة الوطنية أم دولة الإقصاء؟
عقب استقلال مالي سنة 1960، أقام الرئيس موديبو كيتا نظامًا قوميًّا اشتراكيًا على أساس الحزب الواحد، متبنيًا سياسة إقصائية تجاه أي مظهر من مظاهر الاختلاف السياسي أو الثقافي. لم تُعطَ مجتمعات أزواد، وخاصة الطوارق و العرب ، فرصة للمشاركة الفعلية في رسم معالم الدولة الجديدة، وظلوا خارج مسار التأسيس السياسي.
ازدادت الهوة بين أزواد و مالي ( جنوب البلاد ) بعد أن أُوكِلت إدارة دائرة كيدال إلى ضابط يُدعى ديبي سيلاس ديارا، الذي مارس القمع والتنكيل بالسكان، واستخدم المنطقة كمعتقل للمعارضين. ومع اختفاء أية إشارات للحوار، بدأت الشرارة الأولى للتمرد.
اقتصاد مقموع… وكرامة مسحوقة
لم تكن الأزمة سياسية فقط، بل اتخذت أبعادًا اقتصادية واجتماعية مدمرة. فرض نظام كيتا الاشتراكي سياسات التأميم حتى على قطعان الإبل والماشية، وعانى البدو الرحل من مصادرة ممتلكاتهم، والضرائب الجائرة، والتضييق على التنقل والرعي و قتل الآباء و إجبار ابنائهم بالرقص أثناء عملية القتل . يروي محمد القشاط كيف خُدعت القبائل بدعاية زائفة حول لقاحات للمواشي، ليكتشفوا أن الإبل قد وُسمت بختم الدولة وصودرت.
الثورة المسلحة: بين السلاح والنار
تزعّم الثوار الشاب زيد أغ الطاهر، نجل أمنوكال الطاهر أغ إلي، وبدأوا بشن هجمات خاطفة على مواقع الجيش المالي، مدفوعين بشعور بالظلم والتهميش والرغبة في استعادة الكرامة. لكن رد الدولة التي تحكمها الشيوعية بزعامة موديبو كيتا كان مفرطًا في العنف، إذ استُهدفت المخيمات ومُورست أعمال قتل وترويع وتنكيل بالمدنيين، ولم تُفرّق الآلة العسكرية بين محارب ومسالم.
استمرت الانتفاضة لأكثر من عام، حتى أعلن الجيش المالي في 16 يوليو 1964 عن “القضاء عليها” في مرتفعات تيميتغين، لكن الحقيقة أن تلك النار لم تُطفأ أبدًا، بل تحولت إلى رمادٍ تحت الرمال، لا تلبث أن يشتعل مجددًا.
وتتولى الثورات بعد 1963
وجرت عدة ثورات بعدها من 1990 و 2006 و 2008 وصولا إلى الثورة الأخيرة في 2012 والتي انتهت بتحرير أزواد بالكامل في أقل من ثلاثة أشهر و تم اعلان الاستقلال في 06 أبريل 2012 إلا أن المجتمع الدولي رفض الاستقلال ولم يعترف بدولة أزواد، بل و مارس عليها ضغوطا حتى وقعت اتفاقات مع مالي للتنازل عن مطلب الاستقلال في 2013 بوغادوغو و 2014-2015 في الجزائر .

إلا أن مالي بعد 08 سنوات من التملص و التأخير قامت بإعلان إنهاء الاتفاق من جانب واحد وقررت الهجوم على الحركات الأزوادية في مواقعها بفويتا و بير و كيدال و غيرها بدعم دولي من روسيا من خلال مرتزقتها و طائراتها ، و تركيا من خلال مسيراتها و الصين من خلال مصفحاتها و المغرب من خلال استخباراتها .
ما سبب مغادرة الحركات الأزوادية لمواقعها ، وتوحدت في الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي ثم اندمجت في جبهة واحدة تسمى جبهة تحرير أزواد والتي أعلنت عن رغبتها في استعادة السيطرة على أزواد بالكامل و تحقيق مطالب الشعب الأزوادي في تقرير مصيره واستقلاله عن الاحتلال المالي

- أزواد تودّع أحد رموزها التاريخيين: رحيل المناضل إلياس أغ أيوب يعيد الذاكرة إلى انتفاضة كيدال 1963
- مسيرة أمازيغ المغرب: استنكار للصمت الدولي تجاه جرائم مالي في أزواد ومطالبات بالعدالة
- تجمع الساحل والصحراء يُدين دعم صندوق النقد الدولي للنظام المالي رغم انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان في أزواد
- جبهة تحرير أزواد: “استقلال أزواد هو الحل الوحيد”، و أي حلّ آخر سيُعيد إنتاج الأزمة لاحقًا”.( مقابلة )
- جبهة تحرير أزواد تنفي حظر المواد الغذائية وتوضح أسباب حظر الوقود