تشهد الأزمة المالية تصعيداً غير مسبوق بعد أن دعت 14 دولة رعاياها ودبلوماسييها إلى مغادرة مالي فوراً، وذلك مع اكتساب جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” (JNIM) مزيداً من الجرأة في تنفيذ حصار تدريجي ضد العاصمة باماكو. هذه التطورات تعكس خطراً أمنياً متزايداً وانهياراً قريباً للمنظومة الحكومية في وجه الهجمات المسلحة وأزمات شح الوقود والغذاء.
السياق الميداني: العاصمة تحت الخطر
بحسب التحذيرات الغربية والأمريكية، يشهد محيط العاصمة طوقاً للمسلحين شمل تعطيل خطوط الإمداد الرئيسية من الوقود والغذاء وتهديداً متصاعداً باستهداف المرافق الحيوية، ما اضطر الحكومة إلى إعلان تعطيل المدارس والجامعات وتعليق معظم الخدمات العامة. أصبحت الطرق المؤدية إلى باماكو شديدة الخطورة بفعل الكمائن وهجمات الجماعات المسلحة، الأمر الذي أجبر جميع السفارات تقريباً على إصدار أوامر إجلاء عاجلة لرعاياها والموظفين غير الأساسيين.
الدول التي أصدرت نداءات مغادرة صارمة
تشمل قائمة الدول التي أصدرت تحذيرات واضحة لرعاياها بمغادرة مالي فوراً كلّاً من:
- الولايات المتحدة الأمريكية
- أستراليا
- ألمانيا
- اليابان
- إيطاليا
- كندا
- إستونيا
- إسرائيل
- المملكة المتحدة
- إسبانيا
- ليتوانيا
- سلوفينيا
- تايوان
- كوريا الجنوبية
العديد من هذه العواصم شددت في بياناتها على ضرورة استخدام الرحلات التجارية لمغادرة مالي والامتناع عن التنقل البري نظراً لانتشار الحواجز وتهديد الكمائن والخطف بشكل واسع حول العاصمة.
الأسباب والدوافع: حصار عسكري وانهيار أمني
أشارت السفارات إلى أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين(JNIM) لم تكتف بتوسيع رقعة الاشتباكات، بل اعتمدت أيضا استراتيجية الحصار الاقتصادي عبر منع دخول قوافل الوقود ومستلزمات المعيشة إلى باماكو، مما تسبب بأزمة وقود خانقة وشلل في حركة النقل والمرافق والخدمات الأساسية. بات المدنيون والدبلوماسيون يعيشون مشهداً يومياً من الطوابير أمام المحطات المغلقة والخروج التدريجي للحياة من المشاهد العامة في العاصمة.
الخوف الرئيسي يكمن في احتمالية سقوط النظام المالي المركزي إذا ما استمر الحصار المسلح وتصاعدت الهجمات، وهو ما تدركه السفارات الغربية التي تتحسب لسيناريوهات انهيار أمني أو إداري مفاجئ. لذلك جاءت أوامر المغادرة للحد من مخاطر بقاء الرعايا والدبلوماسيين في بيئة تتدهور ساعتها تلو الأخرى.
الخطاب الدولي: توحيد اللهجة والحذر المشدد
أكدت السفارات والمنظمات الدولية أن قدرتها على تقديم خدمات قنصلية أو حماية محدود جداً، خصوصاً خارج باماكو. أما أولئك الذين يصرون على البقاء فقد طُلب منهم التأهب لسيناريو البقاء داخل المنازل لفترات طويلة والاستقلال التام في تدبير الاحتياجات، نظراً لاحتمال انهيار الاتصالات أو اندلاع مواجهات موسعة تخرج عن السيطرة.
خلاصة
حصار باماكو بقيادة الجماعات المسلحة ومحاولة خنق العاصمة اقتصادياً هو الدافع المباشر لهذه الموجة غير المسبوقة من التحذيرات الدولية والإجلاء الجماعي. وتبقى مصائر آلاف المدنيين والأجانب معلقة بانتظار انفراج الأزمة أو الانزلاق نحو فصل دموي جديد من الصراع في مالي.
