
شهدت مالي يومًا داميًا من التصعيد الميداني بين جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، الفرع المحلي لتنظيم القاعدة، والقوات الحكومية المالية المدعومة من الفيلق الإفريقي (الذي يضم مقاتلين من بقايا مجموعة فاغنر الروسية).
كمين في “بير” واشتباكات عنيفة
أعلنت الجماعة المسلحة في بيان مقتضب مساء اليوم، عن تنفيذ كمين معقّد شمال شرق مدينة بير، الواقعة في ولاية تمبكتو. وأكدت الجماعة أن الكمين استهدف رتلاً مشتركًا للقوات المالية والروسية، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوفهم، دون تحديد عدد دقيق.
جاء في بيان الجماعة:
“إيقاع رتل للفيلق الروسي في كمين شمال شرق مدينة بير بولاية تمبكتو مساء اليوم، وأنباء عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف العدو.”
السيطرة على مواقع استراتيجية
وفي تطوّر لافت، أعلنت الجماعة في وقت سابق اليوم السيطرة الكاملة على ثلاث ثكنات عسكرية، بالإضافة إلى عشرات النقاط العسكرية في مناطق مختلفة، من بينها:
- نيونو
- ديبول
- ساندري
- غوغي
- كاي
- نيورو
كما استهدفت الجماعة ثكنة “مولودو” بقصف مدفعي صباحًا، في واحدة من أكثر العمليات المنسقة التي نفذتها الجماعة منذ أشهر، بحسب متابعين ميدانيين.
رواية الجيش المالي: “تحييد 80 إرهابيًا”
في المقابل، أعلن الجيش المالي عن تحييد 80 عنصرًا إرهابيًا خلال المواجهات، معتبرًا العمليات جزءًا من “رد صارم على الهجمات الإرهابية المنسقة التي استهدفت مواقع الدولة”، دون أن يذكر تفاصيل عن الخسائر في صفوفه أو في صفوف الفيلق الإفريقي.
اتهامات بانتهاكات ضد المدنيين
رغم تأكيد الجيش المالي على نجاح عملياته، تحدثت مصادر محلية وإعلامية عن وقوع انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، خاصة من قبائل الفلان، حيث تم تنفيذ حملات اعتقال عشوائية، وجرى قتل عدد من المدنيين لا صلة لهم بالهجمات، وفقًا لنشطاء حقوقيين وشهود عيان.
كما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور لمقرات حكومية محترقة في كل من كاي، مولودو ونيورو، يظهر فيها تصاعد الدخان، في دلالة على حجم الدمار الذي خلّفته الاشتباكات.
قراءة في المشهد
يأتي هذا التصعيد وسط تفاقم التوترات الأمنية والسياسية في مالي، حيث تواجه الدولة تحديًا مزدوجًا يتمثل في تمرد الجماعات الجهادية من جهة، وتوتر العلاقة بين السكان المحليين والقوات الحكومية من جهة أخرى، في ظل اتهامات متكررة باستخدام القوة المفرطة وارتكاب انتهاكات بحق المدنيين.
ويبدو أن استراتيجية “القبضة الحديدية” التي تتبعها السلطات في باماكو، خصوصًا بعد تعاونها مع القوات الروسية، لم تثمر حتى الآن عن استقرار أمني حقيقي، بل قد تؤدي إلى مزيد من التطرف والعنف في حال لم ترافقها معالجة سياسية واجتماعية شاملة.