
تتوالى الشهادات الصادمة من بلدة جافارابي، الواقعة في منطقة موبتي وسط مالي، حيث تشير مصادر محلية متعددة إلى ارتكاب الجيش المالي، بدعم من عناصر مرتزقة مجموعة فاغنر، لمجزرة مروعة راح ضحيتها نحو ثلاثين مدنيًا من القومية الفولانية.
في 12 مايو الجاري، داهمت دورية عسكرية مشتركة بين الجيش المالي ومرتزقة فاغنر سوق المواشي في ديافارابي، وقامت باختطاف حوالي أربعين شخصًا. ووفقًا لمعلومات موثوقة تلقتها جهات حقوقية ومصادر إعلامية محلية، تم اقتياد المختطفين إلى جهة مجهولة. وفيما بعد، تم إطلاق سراح بعض المدنيين المنتمين إلى جماعات إثنية أخرى، بينما تم احتجاز جميع المنتمين إلى الاثنية الفولانية، والذين بلغ عددهم قرابة الثلاثين شخصًا.
تفيد شهادات الشهود من سكان البلدة بأن هؤلاء المعتقلين نُقلوا على متن زوارق إلى الضفة الأخرى من نهر النيجر، بالقرب من مقبرة دانغيري مامبا، وهناك تم تصفيتهم رمياً بالرصاص من مسافة صفر. هذا الإعدام الجماعي البارد، الذي تم دون أي محاكمة أو تحقيق، يشكل بحسب ناشطين حقوقيين “جريمة ضد الإنسانية وجزءًا من نمط ممنهج من الانتهاكات التي تستهدف الفولان في المنطقة”.
وقد شهدت البلدة يوم أمس، 14 مايو، خروج مظاهرة غاضبة شارك فيها العشرات من سكان المنطقة، بما في ذلك عدد كبير من النساء، طالبوا خلالها برحيل القوات المسلحة المالية من بلدتهم، والكشف الفوري عن مصير ذويهم المختطفين. ورفع المتظاهرون شعارات منددة بـ”التمييز العرقي” و”الصمت المريب للسلطات”.
العملية، التي لم يصدر الجيش المالي حتى الآن أي تعليق رسمي بشأنها، أثارت استنكارًا واسعًا في أوساط منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية. وقد وصف ناشطون هذه الحادثة بأنها “حلقة جديدة في مسلسل الإبادة الجماعية غير المعلنة التي يتعرض لها الفولان، خصوصًا في منطقة ماسينا، وفي منطقة الساحل بشكل عام”.
وتأتي هذه التطورات في سياق تصاعد العمليات العسكرية ضد الجماعات الجهادية في وسط مالي، والتي كثيرًا ما تتحول إلى استهداف تعسفي لمدنيين، في ظل انعدام الشفافية وغياب آليات التحقيق والمحاسبة.
الناجون وأهالي الضحايا يناشدون المجتمع الدولي التدخل العاجل لفتح تحقيق مستقل حول المجزرة، وضمان تقديم مرتكبيها إلى العدالة، كما يطالبون بتأمين الحماية للمدنيين العزل في المناطق المتضررة من النزاع، قبل أن تتسع رقعة العنف أكثر.