
بوركينا فاسو: الجيش يقود مجازر عرقية بحق الفولاني وسط صمت دولي
كشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير جديد، عن ارتكاب الجيش البوركينابي ومليشيات موالية له مذابح مروعة ذات طابع عرقي ضد مدنيين من عرقية الفولاني في إقليم “بول دو موهون” غربي البلاد، خلال مارس/آذار 2025. ووفقاً للتقرير، قُتل أكثر من 130 مدنياً، بينهم نساء وأطفال ومسنون، في هجمات “منظمة وممنهجة”، بينما شنت جماعة مسلحة تابعة للقاعدة هجمات انتقامية أودت بحياة 100 شخص آخرين.
عملية عسكرية.. وجرائم ضد الإنسانية
بين فبراير وأبريل 2025، أطلق الجيش البوركينابي عملية أمنية واسعة النطاق تحت اسم “إعصار أخضر 2″، شاركت فيها قوات خاصة ومليشيات محلية. إلا أن ما سُمي بـ”العملية العسكرية” تَحوّل، بحسب المنظمة الحقوقية، إلى حملة تطهير عرقي ضد الفولاني، الذين اتُهموا جماعياً بدعم الجماعات المسلحة.
شهادات ناجين أفادت بأن القوات الحكومية تعمّدت تطويق القرى ذات الغالبية الفولانية، ومنعت السكان من الفرار، مستخدمة طائرات مسيّرة ومروحيات لمراقبة التحركات. كما أظهرت مقاطع فيديو -نشرتها حسابات مرتبطة بالمليشيات- مشاهد لجثث الضحايا مرفقة بتعليقات تدعو صراحة إلى “إبادة الفولاني”.
في المقابل، نفى الجيش البوركينابي الاتهامات، وادعى أن من قُتلوا كانوا “عناصر مسلحة” أو “دروعاً بشرية” تستخدمها الجماعات الجهادية.
هجمات انتقامية ترفع حصيلة الضحايا
في مطلع أبريل، ردت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، المرتبطة بتنظيم القاعدة، بهجمات دامية استهدفت قرى في إقليم “سورو”، متهمة سكانها بالتعاون مع الجيش. التقرير وثّق عمليات إعدام جماعي، من بينها مذبحة في قرية “تياو” راح ضحيتها 70 رجلاً.
نزوح جماعي وانهيار أمني
- أزمة إنسانية متفاقمة: أدت المجازر إلى موجة نزوح جماعي لعائلات الفولاني نحو مالي المجاورة، في ظل غياب أي حماية رسمية بعد انسحاب الجيش من مناطق الاشتباك.
- فراغ أمني قاتل: سكان إقليم سورو أكدوا أن قراهم تُركت عرضة للانتقام من الجماعات المسلحة، دون دعم أو تدخل حكومي.
- تحذير من جرائم حرب: المنظمة الحقوقية أكدت أن الانتهاكات المرتكبة قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، داعية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى فتح تحقيق دولي عاجل.
صراع يتغذى على التمييز العرقي
منذ عام 2015، تشهد بوركينا فاسو تصاعداً غير مسبوق في هجمات الجماعات المسلحة، خاصة في المناطق ذات الأغلبية الفولانية، التي كثيراً ما تُتهم -بشكل جماعي- بدعم تلك الجماعات. هذا التوجه غذّى خطاب الكراهية، وشرعن استهداف المدنيين على أساس عرقي.
وفق الأمم المتحدة، تسبب الصراع الدائر في نزوح أكثر من مليوني شخص داخل البلاد وخارجها، ما ينذر بكارثة إنسانية وأمنية متصاعدة في منطقة الساحل، حيث تتقاطع الحرب على الإرهاب مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.