قال الناطق الرسمي باسم تنسيقية الحركات الأزوادية الموقعة على اتفاقية السلام مع الحكومة المالية إن العودة إلى الكفاح المسلح ليست مستبعدة، في ظل تنصل حكومة مالي من الاتفاقية المبرمة بين الطرفين
واعتبر محمد رمضان مولود في مقابلة خاصة مع ريم آفريك أن حمل السلاح قد يكون ضرورة، خصوصا أن الأزواديين يسيطرون على أرضهم وما زالت أيديهم على الزناد، لكنهم يفضلون السلام الذي لن يتحقق دون تطبيق الاتفاقية
نص المقابلة
ريم آفريك: كيف تنظر الحركات الأزوادية إلى الوضعية الحالية لمالي بعد قرابة سنة من سيطرة نظام قاسيمي كويتا على الحكم؟
محمد رمضان مولود: في الحقيقة لقد تلقينا باستبشار رحيل نظام الرئيس السابق ابراهيما بوبكر كيتا، الذي لم تكن له أدنى رغبة في تطبيق الاتفاقية المبرمة بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية، الموقعة منذ ست سنوات، والمقرر أن تطبق كلها في غضون سنتين من توقيعها.
وعند إصدارهم لبيانهم الأول الذي أعلنوا فيه أن من أولوياتهم الأساسية تطبيق اتفاق السلام، وفي سبيل ذلك تعاملنا معهم، وشاركنا في الحكومة، وفي المجلس الوطني أيضا، لكن هذا المجلس العسكري لم يقطع أي خطوة إيجابية، نحو تطبيق الاتفاقية، بل عادوا إلى سلوك الحكومات المالية السابقة التي ظلت تماطل وتتلاعب بالقضية الأزوادية، ولذلك فإننا اليوم نعتبر أنهم طرف آخر في مواجهة طرفنا الداعي والمصر على تطبيق اتفاقية السلام.
ما موقفكم من الوجود الروسي في مالي، وهل سيسد فراغ القوات الفرنسية والأوربية؟.
موقفنا من الوجود الروسي واضح جدا، ومحدد، وقد أصدرنا منذ اليوم الأول بيانا رفضنا فيه الوجود الروسي على أراضي مالي، وقلنا إن هذا الوجود سيمثل خطرا على المنطقة، وأن تاريخ فاغنير مرتبط بالجرائم والمجازر في سوريا وفي ليبيا ووسط إفريقيا، ولا تميزجرائمهم بين مدني وعسكري، معتمدين سياسة الأرض المحروقة، ونعرف أنهم سيزيدون طين الأزمة المالية بلة، ويدفعون إلى مزيد من التعقيد.
وطبعا لن يستطيعوا ملء فراغ القوات الفرنسية والأوربية، وفي الحقيقة لا يمكن ملأ الفرغ الأمني في مالي غير الجيش الوطني المعاد ترتيبه، ليشمل القوات الوطنية للحركة الأزوادية، ولا بد لهذا الجيش أن يكون جزء من الشعب، وينتمي إليه بكل معاني الانتماء السياسي والحضاري والاجتماعي.
وطبعا كانت تخوفاتنا من الوجود الروسي في محلها، وهاهي فاغنير رفقة الجيش المالي ترتكب جرائم، ومجازر متعددة في وسط البلاد، ووصلت جرائمهم إلى المواطنين الموريتانيين، حيث ارتكبت بحقهم جرائم مؤلمة، تضمنت القتل والحرق ومصادرة الأموال، وكل هذه الجرائم تؤكد مطالبتنا بخروج فاغنير من مالي، والعودة السريعة إلى تطبيق اتفاقية السلام.
ريم آفريك: هل تتوقعون خيار العودة إلى السلاح، ما دمتم تتهمون الحكومة المالية بالتنصل من الاتفاقيات؟
محمد رمضان مولود: كل المؤشرات تظهر بأن الحكومة العسكرية في مالي لا نية لها في تطبيق الاتفاقية، والخطابات والتصريحات التي يعرب عنها بين الحين والآخر بعض قادة ومسؤولي الحكومة الانتقالية تؤكد أنهم يتلاعبون بالزمن ولا رغبة لهم في تطبيق الاتفاق المبرم معنا.
وطبعا فإن كل الخيارات محتملة، بما في ذلك العودة إلى الكفاح المسلح، والأزواديون مقيمون في مدنهم ويسيطرون عليها سيطرة تامة، وسلاحهم ما زال بأيديهم، وأصابعهم على الزناد، وروح النضال ما زالت متأججة في نفوسهم، لكنهم أيضا متشبثون بالسلام، ما دام ممكنا، ولن يترددوا في انتزاع حقوقهم، وسيادتهم على أرضهم؟
ريم آفريك: حققت الحكومة المالية انتصارات خلال الأشهر الماضية على الحركات الإرهابية، أو هكذا تقول على الأقل كيف تنظرون إلى تلك “الانتصارات”
محمد رمضان مولود: لا أعتقد أن جيش مالي حقق انتصارات، خلال الفترة الأخيرة، يمكن أن تقول إنه نفذ مجازر وانتهاكات حقوقية بحق السكان العزل، أما الانتصارات فهي انتصارات وهمية، فالمتداول الآن أن الحركات المسلحة، تغادر دائما إلى مناطق صعبة وبعيدة، عندما يبدأ الجيش المالي في عمليات الانتشار والتتبع، وهذا ما حصل، وما يشيعه الجيش المالي من انتصارات، هو انتصارات في معارك بدون مواجهة، وما حصل هو دعاية موجهة إلى الرأي العام المحلي.
والدليل على ذلك أن الجماعات المسلحة المذكورة، عندما هاجمت إحدى أكبر الوحدات العسكرية المالية في الوسط، تركت وراءها نتيجة كارثية، فقد أبادوا تقريبا العشرات من الجنود الماليين، وعليه فإن الانتصارات المذكورة ليست أكثر من دعاية لا تستند على الواقع.
محمد رمضان مولود: لا نعرف بوجه الدقة هل ستكون موريتانيا في مرمى نيران الجماعات الإرهابية، لكننا نرجو دائما أن لا يقع ذلك، وأن تظل موريتانيا في أمنها وسلامها، وموريتانيا دولة مهمة في المنطقة، ومؤثرة ومتأثرة بما يجري في الأحداث، وخصوصا في ظل المتغيرات الجديدة بانسحاب الأوربيين وحلول الروس، والحملات غير الموفقة التي يقودها الجيش المالي بين الحين والآخر، كل ذلك قد يؤثر سلبا على المنطقة كلها، لكننا لا نملك معلومة عن التوجهات المستقبلية للحركات المذكورة.
ريم آفريك: ماهي الرسالة التي توجهونها إلى الحكومتين المالية والموريتانية
محمد رمضان مولود: رسالتنا للحكومة المالية واضحة، ومحددة: عليكم الالتزام بالاتفاقية وتطبيقها بحذافيرها، وكونوا متأكدين أن أي تنصل من هذا الاتفاق، أو سعي للقفز عليه أو التنكر له، سيكون عليه ثمنه غاليا، كما أن تطبيق هذه الاتفاقية سيجنب البلاد كثيرا من الأزمات، وليس الحل في التنكر ولا في الخطاب العنصري.
الحل في مراجعة الدستور ودمج قوات الحركة الأزوادية، ومراجعة كل الأسباب التي أدت إلى هذه الأزمات.
أما رسالتنا إلى موريتانيا فهي الشكر على احتضانها للاجئين الأزواديين، وعلى دورها الإيجابي في السعي لإحلال السلام في أزواد، ونرجو أن تبذل جهدها في نصيحة الحكومة المالية بأنه لا بديل عن السلام
رابط المقابلة مع ريم أفريك