
وفي 17 يناير/كانون الثاني 2012 بدأت “الحركة الوطنية لتحرير أزواد” الحرب على القوات المالية من أجل طردها من إقليم أزواد. وجاء في بيان للحركة أن انطلاق العمليات الحربية ضد القوات المالية “جاء بعد رفض الحكومة في باماكو الاستجابة لدعوات ومطالب الحركة الداعية إلى حل القضية بشكل سلمي عبر الحوار”.
وقالت الحركة إن أولى عمليات القتال مكنتها من “تحرير” مدينة منكا، وبسط سيطرة قواتها عليها وطرد وحدات الجيش المالي التي كانت ترابط في المدينة التي تعتبر ثالث أهم مدينة في إقليم أزواد من حيث الكثافة السكانية والأهمية الإستراتيجية بعد مدينتيْ تمبكتو وغاو.
وبعد شهرين من اندلاع المعارك أعلنت الحركة أنها سيطرت على نحو 70% من أراضي الإقليم الذي يمثل نحو ثلثي التراب المالي، وأنها “ماضية في نضالها لتحرير كامل التراب الأزوادي بغض النظر عمن يحكم مالي”، مطالبة العالم الخارجي ودول الجوار بشكل خاص “بتفهم المطالب المشروعة للشعب الأزوادي في تقرير المصير، وإنهاء الظلم والمعاناة التي واجهها طوال العقود الماضية”.
وردا على تلك التطورات ومحاولة لوقف هزائم الجيش المالي في أزواد؛ نفذ جنود ماليون يوم 22 مارس/آذار 2012 انقلابا واستولوا على السلطة لـ”إنهاء النظام العاجز لأمادو توماني توريه” الذي اتهموه بالفشل في إنهاء كا يعتبرونه “تمردا” في إقليم ازواد، والتقاعس عن دعم الجيش وتحسين تسليحه وإمداداته مما أدى لهزيمته أمام “الثوار”، وأعلنوا أن الحرب مع الجماعات الأزوادية ستستمر حتى “توحيد كامل التراب المالي”.


وفي 6 أبريل/نيسان 2012 أعلنت “الحركة الوطنية لتحرير أزواد” استقلال المناطق التي سيطرت عليها في إقليم أزواد تحت اسم “جمهورية أزواد” مشيرة إلى رغبتها في إقامة دولة علمانية. وقد ناشد الأمين العام للحركة بلال الشريف -في بيان أصدره- دول العالم الاعتراف باستقلال بلاده وتبادل التمثيل الدبلوماسي معها.
وقالت الحركة إنها قررت بشكل أحادي وقف العمليات العسكرية نزولا عند طلب المجتمع الدولي وخصوصا مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة وفرنسا ودول المنطقة، داعية دول الجوار والمجتمع الدولي إلى حماية “شعب أزواد” من أي اعتداءات في مالي.
إلا أن المجتمع الدولي رفض برمته إستقلال دولة أزواد
قامت الحركة بنشاط تعبوي واسع بهدف كسب الرأي العام في الإقليم إلى جانب القضية الوطنية الأزوادية، إضافة إلى الإعذار وإقامة الحجة السياسية القاطعة على الحكومة المالية، وبدأ العديد من الأطر والقيادات العسكرية الطوارقية بالانسحاب من الجيش المالي والانضمام للحركة الجديدة. كما لم يخف السكان تململهم باتجاه الرؤية السياسية للحركة، لا سيما أن . مواقفهم الرافضة لاستمرار البقاء ضمن الجمهورية المالية كان يجد دائما من يعبر عنه طيلة عقود ممتدة من الحرمان والتهميش، كما تعتبر الأدبيات السياسية للعديد من التنظيمات الأزوادية.
أصدرت الحركة العديد من البيانات التي حاولت إيصال الرسالة ذاتها للدول الكبرى ودول الإقليم النافذة؛ بهدف كسب موقفها أو تحييدها أو تهيئتها لتفهم المواقف السياسية للحركة الساعية للوصول سلميا لهدفها، لكن ذلك لا يمنعها من الوصول لمبتغاها عبر الكفاح المسلح من أجل فك سيطرة الجيش المالي على الإقليم، ولم تستنكف تلك البيانات من تحذير العديد من الأطراف الإقليمية والدولية من الانحياز للمواقف التقليدية المتعلقة بالسيادة المالية، والمزايدة على وطنية القوميات الأزوادية التي ما فتئت تمنح الحكومات
المالية عبر عقود مزيدا من الوقت، لاختبار صدقية نوايا الدولة الوطنية، وأثبتت التجربة دائما كما هو ماثل اليوم أن الساسة والحكام في باماكو لا يرون إقليم أزواد(شمال) وعرقياته المختلفة بالرؤية نفسها التي يرون بها بقية العرقيات والمدن الأخرى في البلاد.
حاولت الحركة أن تكون مشروعا وطنيا جامعا ومستقطبا لكل الفسيفساء العرقية في الإقليم وليست حركة خاصة بالطوارق فقط كما يروج له البعض وجعلت سونغاويا نائب لرئيسها.
أكملت الحركة سيطرتها على الإقليم ٢٠١٢/٠٤/٠١، وبعد خمسة أيام فقط أعلنت الحركة من جانب واحد قيام دولة أزواد المستقلة (٢٠١٢/٠٤/٠٦)، وهي المرة الأولى في التاريخ الوطني للإقليم التي يتم فيها إعلان من هذا القبيل، وواجهت الحركة رفض المنظمات الدولية الإقليمية ، وكذا تحفظ أكثر دول الإقليم تفهما لوضعية الإقليم وحقوق عرقياته
التي تعتبر نفسها مهمشة ومظلومة. غير أن الحركة لم تستطع تجسيد مشروعها بإقامة الحكومة رغم جاهزية الأطر النظرية؛ لأن العديد من المتغيرات بدأت تعكر صفو المشروع الجديد، فقد بدأت تنظيمات الجماعات السلفية الجهادية تدخل المدن المحررة وتفرض سيطرتها على جوانب واسعة منها، ولم تدر عجلة الاعتراف الدولي سريعة لصالح الكيان الجديد، رغم أن بعض البلدان هنا وهناك اعترفت به، وطالب كثيرون الحكومة المالية والمنظمات الدولية والإقليمية بالعمل على منح القوميات في الإقليم حقوقها كاملة غير منقوصة، وأولها الحكم الذاتي الواسع والإدارة المستقلة لكافة شؤون الإقليم من طرف أبنائه.
بإمكانكم تحميل تطبيقنا