في كل ليلة 13 يناير/كانون الثاني، تخلد الشعوب الأمازيغية احتفالات رأس السنة الأمازيغية. فيما تبقى المناسبة عند أغلبهم موعداً للفرح واجتماع الأقارب والأحباب، كما للتذكير والاعتراف بثقافة تلك الشعوب.
يأخذ هذا مرجعية حدث تاريخي، هو حكم الملك الأمازيغي شيشنق الأول مصر سنة 950 ق.م، وتأسيسه الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين التي حكمت البلاد لقرنين متتاليين.
وبين الأسطورة والتاريخ، يحتفل شعوب المنطقة المغاربية ليلة الثلاثاء بحلول السنة 2972 من تقويمهم بطقوس توارثوها أباً عن جد. كما يجعلون منها فرصة لرد الاعتبار للثقافة الأمازيغية والاعتراف بها كهوية لهذه المنطقة من شمال إفريقيا.
والذي يخلدونه بلقاءات تجمع الأحباب والأقارب، يسودها الفرح وتؤشر على الموقع المحوري للأسرة داخل الثقافة الأمازيغية. إذ يتبادلون التبريكات بلغتهم الأم قائلين: “أسكاس أمكاز” أو “أسكاس أماينو”، حسب اللهجات التي ينحدرون منها.
وتحضر على المائدة مأكولات خاصة بهذه المناسبة. كطبق “تاجلا” بلغة “تماشق” في الجنوب المغربي، وهو عصيدة تتكون من دقيق الذرة الذي يطبخونه بالعسل والسمن أو زيت أركان. وفي مناطق أخرى يطبخون حساء بركوكش، وهو نوع من المعجنات المكورة الصغيرة، يفتلها النسوة من مزيج الدقيق والماء.
فيما يشكل هذين الطبقين مسرح لعبة يتنافس فيها الأهل، إذ توضع في الصحن الكبير الذي يجتمعون عليه نواة تمر، ومن يجدها يُعتقد بأنه موعود بالحظ الوفير في العام الجديد. وبعد ذلك يضعون طبقاً كبيراً من الفواكه الجافة والمكسرات، في دلالة على الطابع الفلاحي للثقافة الأمازيغية.
وفي منطقة القبائل الجزائرية يحتفل سكانها برأس السنة الأمازيغية بإقامة طقس الوزيعة، فيجتمع أهل المداشر (القرى) ويشتركون في شراء عدد من الذبائح، ثم يوزعون لحومها بينهم لإقامة ولائم الاحتفالات في الليل.
ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، والمهتمون بالثقافة الأمازيغية والنشطاء في حركاتها الثقافية يطالبون بترسيم احتفالات “النَّاير” كعيد وطني في البلدان المغاربية.
وأقيم أول احتفال رسمي بذلك اليوم في ليبيا سنة 2008، في ذلك الوقت لم يقصد به نظام القذافي رد اعتبار الهوية الأمازيغية، بل كان كما يبدو استحضاراً فانتازيّاً لأمجاد أمة ليبية سابقة للوطن الليبي.
بعدها، أسهمت انتفاضات الربيع العربي سنة 2011 في ترسيم اللغة الأمازيغية كإحدى اللغات الدستورية للبلدان المغاربية. وكانت الجزائر أول من رسَّمت سنة 2018 احتفالات رأس السنة الأمازيغية كعيد وطني ويوم عطلة مدفوعة الأجر.
وبهذه المناسبة غرَّد الرئيس عبد المجيد تبون قائلاً: “بحلول السنة الأمازيغية الجديدة 2972، أتمنى كل الخير والرقيّ لجزائرنا الحبيبة، والصحة والعافية لكل الجزائريات والجزائريين.. أسقاس أمقاس”.