
في مشهد يختزل وجع شعوبٍ تُطاردها الحروب والتهميش، تستعد الجاليات الأزوادية و الساحلية في أوروبا، لتنظيم وقفة احتجاجية سلمية أمام مقر المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي، يوم السبت 14 يونيو الجاري، ما بين الساعة الثانية والرابعة مساءً.
الحدث الذي دعت إليه منظمة الشتات للطوارق في أوروبا (ODTE) إلى جانب جمعية دعم أزواد ومنظمة إيموهاغ الدولية، يأتي في سياق تصاعد العنف غير المسبوق في منطقة الساحل الأوسط، حيث تُسحق المجتمعات المحلية بين مطرقة الجماعات الجهادية وسندان الجيوش النظامية، وسط صمت دولي مستفز.
الساحل : مدنيون تحت النار
في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، أصبح المدنيين تحت الرعب بشكل يومي . تقارير متقاطعة من منظمات حقوقية توثق حملات عنف ممنهجة، استهدفت بشكل خاص الطوارق والفولان والعرب. أطفال ونساء وشيوخ يُقتلون دون تمييز، قرى تُجرف من الوجود، ومجتمعات تُطارد لمجرد هويتها.
ورغم فداحة الانتهاكات، فإن ردود فعل المجتمع الدولي تظل دون المستوى، بل يكاد صوته أن يختفي، ما يغذّي شعورًا عامًا بأن هذه المجتمعات ضحية “تطهير صامت”، تُنفّذه بعض الأنظمة الحاكمة تحت غطاء الحرب على الإرهاب.
العدالة الغائبة… والنداء الأخير
يرفع المنظمون مطلبًا واحدًا: العدالة.
يطالبون المحكمة الجنائية الدولية بتفعيل أدواتها القانونية لفتح تحقيقات وملاحقة المتورطين – أفرادًا أو جهات – في الجرائم الجماعية المرتكبة ضد المدنيين العزّل. ويدعون الإيكواس، والاتحاد الإفريقي، والأمم المتحدة إلى تحمّل مسؤولياتهم في حماية المجتمعات المستهدفة والمُهجّرة، التي تجد نفسها بلا صوت ولا حماية.
كما يشددون على ضرورة أن يربط الاتحاد الأوروبي علاقاته مع الحكومات المعنية بسجلها في مجال حقوق الإنسان، لا بالمصالح الأمنية فقط.
رسالة إلى العالم: لا سلام بلا عدالة
هذه الوقفة أمام المحكمة في لاهاي ليست مجرد فعالية احتجاجية، بل هي تعبير عن شعور متراكم بالخذلان. شعوب الساحل، التي دفعت ثمن صراعات إقليمية ودولية، ترفض أن تُدفن مرتين: مرة تحت الأنقاض، ومرة أخرى في غياهب النسيان.