
في تقريرها الخامس من هذا العام الصادر بتاريخ 1 يونيو 2025، سلطت جمعية كل-أكال، المرصد المحلي للدفاع عن حقوق الإنسان في أزواد، الضوء على واقع مأساوي يعصف بالمناطق الأزوادية ووسط مالي خلال شهر مايو 2025، في ظل تزايد وتيرة الانتهاكات والانفلات الأمني الشامل.
قمع ممنهج وجرائم متعددة الجهات
يشير التقرير إلى تصاعد غير مسبوق في الانتهاكات التي ارتكبتها أطراف متعددة، أبرزها الجيش المالي المدعوم بمرتزقة مجموعة فاغنر الروسية، إلى جانب الجماعات المسلحة مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM) وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى (EIGS). تؤكد شهادات موثقة أن هذه الجرائم نُفذت بشكل ممنهج، ما يعكس غيابًا تامًا للمساءلة وتواطؤًا صامتًا من السلطات الانتقالية المالية.
1. الإعدامات الميدانية والقتل المستهدف
سُجلت 15 حالة مؤكدة لقتل مدنيين، من بينها إعدامات ميدانية وهجمات جوية بالطائرات المسيرة والمروحية، استهدفت مناطق مثل تيشليت، إضليميان، وتينجولاف. بعض الضحايا دُفنوا في أماكن إعدامهم، دون تحقيق أو محاسبة، بينما توزعت الجرائم بين القوات النظامية والميليشيات المتطرفة.
2. اعتقالات واختفاءات بالجملة
وثقت جمعية كل أكال أكثر من 50 حالة من الاعتقال التعسفي والاختطاف والاختفاء القسري، كان أغلب ضحاياها من المدنيين المنتمين إلى جماعات عرقية مستهدفة مثل الفولان والطوارق. وقد طالت هذه الحملات شخصيات مدنية وقيادات مجتمعية، بما فيهم رؤساء قرى وزعماء تقليديين.
3. النهب والاغتصاب والابتزاز
في مشهد يعكس انهيارًا تامًا لمظاهر الحماية، تكرر وقوع عمليات نهب وابتزاز واغتصاب نفذها مسلحون، بعضهم مجهولو الهوية، في ظل وجود عسكري في المنطقة. وتم توثيق حالات مروعة من النهب والاعتداءات الجسدية، لا سيما على الطرق الحيوية مثل طريق كيدال-أنفيف وطريق غاو-بوريم.
4. تدمير الممتلكات والبيئة
شملت الاعتداءات كذلك الممتلكات المدنية والبنية التحتية، إذ تم حرق منازل وتجريد التجار من بضائعهم، وضُربت سيارات مدنية بطائرات مسيرة، مما يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي.
5. تداعيات إنسانية خطيرة
يرسم التقرير صورة كارثية للأوضاع الإنسانية في مناطق مثل غوسي، التي تعاني من حصار أدى إلى انقطاع الإمدادات وغياب الخدمات الأساسية. وفي ظل غياب الاستجابة من السلطات، ومع تصاعد العنف الجنسي والخطف، تزداد معاناة النساء والرحل والسكان الريفيين بشكل خاص. كما أصبحت مناطق كاملة مثل غاو وميناكا وتمبكتو وكيدال خارج نطاق الوصول الإنساني.
نداء إلى العالم
في ختام تقريرها، تطالب جمعية كل أكال المجتمع الدولي بما يلي:
- إدانة الانتهاكات من قبل الجيش المالي وفاغنر والجماعات المتطرفة؛
- الضغط على المجلس العسكري في مالي لوقف الإفلات من العقاب؛
- ضمان فتح ممرات إنسانية فورية؛
- دعم الآليات الدولية لمحاسبة الجناة وإنصاف الضحايا.
خلاصة
يمثل تقرير كل أكال لشهر مايو 2025 وثيقة إدانة دامغة لحالة الفوضى وغياب القانون في أزواد والوسط المالي. ويؤكد أن الصمت الدولي تجاه الجرائم المستمرة لم يعد مقبولًا، بل يُغذي مزيدًا من العنف والانهيار الاجتماعي. وفي وقت تتآكل فيه فرص السلام، تبقى أصوات الضحايا والمجتمع المدني الأزوادي آخر حصون الكرامة والعدالة.