

في الثالث عشر من مارس 2025، شهدت منطقة قريبة من نامبلا في ماسينا حدثًا مأساويًا جديدًا يضاف إلى سلسلة من الأعمال الوحشية التي تستهدف المدنيين العزل. حيث قامت القوات المسلحة المالية، بدعم من مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية، بإحراق قرية فولانية بأكملها، تاركة وراءها دمارًا شاملًا ومعاناة إنسانية كبيرة.
وفي الوقت نفسه بأزواد ، وعلى بعد حوالي 30 كيلومترًا شرق بلدة بير بولاية تمبكتو، تم إحراق منزل لعائلة بدوية بالقرب من منطقة إر إن تجيف، في استمرار لدورة العنف الممنهج الذي يطال الأبرياء.

هذه الأحداث ليست مجرد أعمال عشوائية، بل هي جزء من استراتيجية ممنهجة تقودها السلطات العسكرية في باماكو، تهدف إلى نشر الخوف والرعب بين السكان المحليين و تهجيرهم من قراهم، وخاصة مجتمعات الفولان والطوارق و العرب ، لإجبارهم على النزوح من أراضيهم. هذه الاستراتيجية القائمة على الترهيب والتدمير تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية في المنطقة، وإفراغها من سكانها الأصليين، مما يسهل السيطرة عليها.
سياسة الترهيب والنزوح القسري
تعتمد السلطات المالية وحلفاؤها من المرتزقة على سياسة الأرض المحروقة، حيث يتم تدمير القرى والمنازل والممتلكات بشكل متعمد، مما يترك السكان دون مأوى أو موارد للعيش. هذه الأعمال لا تقتصر على التدمير المادي فحسب، بل تمتد إلى ترويع الأفراد، خاصة النساء والأطفال، الذين يُجبرون على الفرار إلى مناطق أخرى بحثًا عن الأمان.
وتشير التقارير إلى أن هذه الهجمات تتم بشكل متكرر ومنظم، دون أي محاسبة أو مساءلة للقوات المسلحة أو المرتزقة الذين يرتكبون هذه الجرائم. هذا الإفلات من العقاب يعزز من استمرار هذه الانتهاكات، ويجعل السكان المدنيين عرضة لمزيد من العنف.
تداعيات إنسانية خطيرة
العواقب الإنسانية لهذه الأعمال الوحشية كبيرة ومتعددة الأبعاد. فبالإضافة إلى الخسائر المادية، يعاني النازحون من ظروف معيشية صعبة، حيث يفتقرون إلى المأوى والغذاء والرعاية الصحية. كما أن الأطفال الذين يُجبرون على ترك مدارسهم يفقدون فرصتهم في التعليم، مما يهدد مستقبلهم ومستقبل المجتمع ككل.
دور المجتمع الدولي
في ظل هذه الأحداث المروعة، يقع على المجتمع الدولي مسؤولية كبيرة للضغط على السلطات المالية لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. يجب أن تكون هناك تحقيقات مستقلة حول هذه الجرائم، ومحاسبة المسؤولين عنها، سواء كانوا من القوات المسلحة المالية أو من المرتزقة الأجانب.
كما يجب على المنظمات الإنسانية الدولية تقديم الدعم العاجل للنازحين، وتوفير المأوى والغذاء والرعاية الصحية لهم. ولا بد من العمل على إيجاد حلول سياسية طويلة الأمد تضمن حماية حقوق جميع المواطنين في مالي، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الاجتماعية.
وقد وثقت جمعيات محلية في أزواد هذه الانتهاكات منذ بدايتها في 2023 وعلى راسها جمعية كل اكال التي وثقت في تقريرها لسنة 2024 لانتهاكات الجيش المالي ومرتزقة فاغنر أكثر من 2000 حالة انتهاك تشمل القتل و الاعتقال و التعذيب و التدمير و السرقة و الاغتصاب و كانت عمليات القتل وحدها تفوق ألف( 1000) حالة
خاتمة
ما يحدث في ماسينا وأزواد اليوم هو جريمة ضد الإنسانية، حيث يتم تدمير حياة الآلاف من الأبرياء بشكل ممنهج ومنظم. يجب أن يكون هناك وقف فوري لهذه الأعمال الوحشية، ومحاسبة جميع المسؤولين عنها. كما يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بشكل عاجل لحماية المدنيين، وضمان عدم تكرار هذه المأساة في المستقبل.