

في الوقت الذي يفرح فيه المسلمون بحلول شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، تطل علينا هيئة علماء أزواد ببيان مؤلم يكشف عن معاناة شعب أعزل يواجه أبشع أنواع الظلم والاضطهاد. البيان الذي حمل رقم (003) والصادر في 3 رمضان 1446 هجري الموافق 3 مارس 2025م، يسلط الضوء على جرائم مروعة ترتكب بحق الشعب الأزوادي، وسط صمت دولي وإقليمي مريب.
مأساة أزواد: إبادة جماعية وتطهير عرقي
تستنكر هيئة علماء أزواد في بيانها ما يتعرض له الشعب الأزوادي من قتل وتشريد على يد الجيش المالي المدعوم من مرتزقة فاغنر الروسية. هذه الجرائم التي تستهدف الأطفال والنساء وكبار السن والمدنيين العزل، لم تعد مجرد انتهاكات عابرة، بل تحولت إلى حملة ممنهجة تستهدف إبادة جماعية وتطهيرًا عرقيًا ضد الأزواديين. لقد حصدت آلة القتل آلاف الأرواح البريئة، وأجبرت مئات الآلاف على الفرار من ديارهم، ليعيشوا كلاجئين في دول الجوار، في مشهد يذكرنا بمآسي الشعوب التي تعرضت للاضطهاد عبر التاريخ.
الصمت الدولي: وصمة عار على جبين الإنسانية
ما يزيد من قسوة هذه المأساة هو الصمت الدولي والإقليمي حيال هذه الجرائم. فمنظمات حقوق الإنسان، سواء الإسلامية أو العالمية، وكذلك الأطراف الدولية والإقليمية، تتجاهل معاناة الشعب الأزوادي، وكأن هذه الأرواح التي تُزهق لا قيمة لها. هذا الصمت ليس فقط تقصيرًا في الواجب الإنساني، بل هو تواطؤ صريح مع الجناة. إن السكوت عن هذه الجرائم يشكل وصمة عار في جبين الإنسانية، ويطرح تساؤلات كبيرة عن مصداقية المنظمات الدولية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان.
نداء هيئة علماء أزواد: واجب النصرة والتضامن
في ظل هذا الواقع المؤلم، تدعو هيئة علماء أزواد المجتمع الدولي والإقليمي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في حماية المدنيين الأزواديين من الإبادة الجماعية. كما توجه نداءً إلى الأزواديين أنفسهم، قياداتٍ عسكرية وسياسية وزعماء اجتماعيين وقبليين، إلى توحيد الصفوف والانخراط في الدفاع عن شعبهم وأرضهم وكرامتهم. وتستشهد الهيئة بآيات قرآنية تؤكد وجوب النصرة للمظلومين، كقوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (الحج: 39)، وقوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} (الأنفال: 72).
الختام: دعوة للضمير العالمي
إن ما يتعرض له الشعب الأزوادي هو اختبار حقيقي للضمير الإنساني. فهل ستستمر المنظمات الدولية في صمتها أم ستتحرك لوقف هذه المأساة؟ وهل ستلتفت الأمة الإسلامية إلى معاناة إخوانها في أزواد أم ستظل غافلة عن قضاياها المصيرية؟ إن هيئة علماء أزواد قد أطلقت صرخة مدوية، وعلى العالم أن يسمعها ويستجيب لها قبل فوات الأوان.