دعت السفارة الأمريكية في باماكو، اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025، جميع المواطنين الأمريكيين الموجودين في مالي إلى مغادرة البلاد فوراً، محذّرة من تدهور غير مسبوق في الوضع الأمني والمعيشي، في ظل اشتداد القتال بين القوات المالية وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي تفرض حصاراً خانقاً على العاصمة باماكو منذ أسابيع.
وجاء في البيان أن “التحديات المستمرة في البنية التحتية في مالي، بما في ذلك الانقطاعات المتواصلة في إمدادات البنزين والديزل، وإغلاق المؤسسات العامة مثل المدارس والجامعات، إلى جانب الصراع المسلح المستمر حول العاصمة، تؤدي جميعها إلى زيادة عدم الاستقرار في الوضع الأمني”.
وأضاف البيان أن المطار الدولي في باماكو لا يزال مفتوحاً وتتوفر بعض الرحلات الجوية التجارية، داعياً المواطنين الأمريكيين إلى مغادرة البلاد عبر الجو، إذ “قد لا تكون الطرق البرية المؤدية إلى الدول المجاورة آمنة بسبب تكرار الهجمات الإرهابية على الطرق الوطنية”.
كما شددت السفارة على أن خدماتها محدودة للغاية خارج العاصمة، ولا يمكنها تقديم الدعم الطارئ في المناطق الداخلية التي تشهد مواجهات متصاعدة.
ويأتي هذا التحذير بعد إعلان وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة الماضية 24 أكتوبر، السماح بمغادرة الموظفين غير الأساسيين وأفراد عائلاتهم من مالي. وأوضحت الخارجية في بيانها أن الحكومة الأمريكية “غير قادرة على تقديم الخدمات الروتينية أو الطارئة للمواطنين الأمريكيين خارج العاصمة باماكو نتيجة المخاطر الأمنية المتصاعدة”، مضيفة أن مستوى التحذير من السفر إلى مالي لا يزال في الدرجة الرابعة، وهي الأعلى في سلم التحذيرات وتعني “عدم السفر”.
على الجانب الميداني، تتواصل الهجمات التي تشنها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في محيط باماكو، حيث أعلنت الجماعة اليوم الثلاثاء عن سيطرتها على عدة شاحنات محمّلة بالوقود بين نيغلا وسوريبوغو، بعد أن فرّ الجنود الماليون المكلفون بحراستها من مواقعهم. وتعد هذه العملية الأحدث في سلسلة هجمات استهدفت قوافل الوقود المتجهة إلى العاصمة، ما أدى إلى تدمير أو احتراق مئات الشاحنات خلال الأسابيع الماضية، وفاقم أزمة الوقود والانهيار الاقتصادي في البلاد.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات الميدانية تعكس تراجع قبضة الحكومة المالية على طرق الإمداد الحيوية، وتفاقم عزلة العاصمة في ظل حصار متواصل يهدد بانهيار كامل لشبكات الإمداد الأساسية، في وقت تشير فيه التقارير إلى تقلص قدرة الدولة على حماية المؤسسات العامة وضمان الخدمات الأساسية.
