
تشهد النيجر موجة جديدة من التوترات داخل صفوف جيشها، بعد اندلاع تمرد جديد في الحامية العسكرية بمدينة تيرا، الواقعة غرب البلاد. هذا التمرد، الذي بدأ منذ يوم أمس، جاء على خلفية رفض مجموعة من الجنود تنفيذ أوامر عسكرية تقضي بتأمين قافلة كانت في طريقها من مدينة دوري ببوركينا فاسو إلى العاصمة نيامي. وقد برر الجنود موقفهم بما وصفوه بـ”المهام الانتحارية” التي تُكلف بها الوحدات العسكرية دون توافر الحد الأدنى من شروط السلامة والنجاح.
الوضع في تيرا ليس حالة معزولة، بل يأتي بعد حوادث مماثلة شهدتها مواقع عسكرية أخرى في البلاد، مثل تيرميت وتيليا وفيلينغي، ما يشير إلى حالة تذمر عارمة داخل الجيش الوطني. وتُجمع شهادات من مصادر ميدانية على أن الجنود باتوا يشعرون بأنهم يُرسلون إلى ساحات الموت دون خطط واضحة، ودون دعم استخباراتي أو جوي، ومع تسليح غير كافٍ في مواجهة جماعات مسلحة متطورة ومتمرّسة.
التوتر في صفوف الجيش يعكس أزمة أعمق تعيشها المؤسسة العسكرية النيجيرية، والتي تجد نفسها في خط مواجهة أول مع تصاعد الهجمات المسلحة في منطقة الساحل، خاصة مع تراجع الدعم الدولي في السنوات الأخيرة، وتزايد الضغط الميداني على القوات النظامية. وقد عبّر الجنود المتمردون عن تضامنهم مع زملائهم الذين قتلوا أو تمردوا في مواقع أخرى، مؤكدين أنهم لم يعودوا مستعدين لتنفيذ أوامر تقودهم إلى “المجزرة” على حد وصفهم، وكانت الجماعات الجهادية قد هاجمت أكثر من مرة على قوافل تنموية بمرافقة عسكرية ويتم قتل جميع الجنود والسيطرة على القافلة وإحرتقها ، دون إرسال أي دعم جوية أو بعيد لصالح الجنود النيجريين، ما دفعهم إلى رفض هذه العمليات ” الانتحارية “.
في ظل هذا الوضع، تبقى الأوضاع في تيرا ومحيطها شديدة التوتر، مع غياب أي مؤشر على انفراج قريب. كما لا تزال السلطات العسكرية تلتزم الصمت الرسمي، وسط مخاوف من اتساع رقعة التمرد واهتزاز صورة الانضباط داخل القوات المسلحة، وهو ما قد يزيد من هشاشة الوضع الأمني الهش أساسًا في النيجر والمنطقة ككل.