
في مساء الجمعة، 20 يونيو 2025، وقعت مجزرة مروعة في قرية ماندا الواقعة بمنطقة غوروول، حيث قُتل ما لا يقل عن 71 مدنيًا بدمٍ بارد، فيما جُرح العشرات، في واحدة من أسوأ الهجمات التي عرفتها المنطقة في السنوات الأخيرة. الهجوم وقع حوالي الساعة الثامنة ليلًا، حين تسللت مجموعة مسلحة إلى القرية ونفذت عملية قتل جماعي استهدفت السكان العزل دون تمييز. ووفقًا لشهادات من الأهالي وناجين، فإن المذبحة لم تكن مفاجئة بالكامل، إذ سبقتها تحذيرات أُرسلت إلى السلطات المحلية وإلى وزارة الدفاع، تُبلغ بوجود تحركات مشبوهة في محيط القرية. غير أن تلك التحذيرات قوبلت بالتجاهل التام، ولم تُتخذ أي إجراءات لحماية السكان، مما يطرح تساؤلات جدية حول جدية الدولة في التعامل مع أمن مواطنيها، خصوصًا في المناطق الريفية والحدودية.
المسلحون، وفق شهادات محلية، لم يكتفوا بتنفيذ الهجوم، بل أقاموا ليلتهم داخل ماندا، مانعين سكانها من دفن قتلاهم أو إسعاف الجرحى. وبعد إنسحابهم نقل 18 مصابًا إلى مركز الصحة في تيغاي، واثنان إلى مركز دولبيل، فيما نُقل مصابان آخران إلى مستشفى تيرا الإقليمي، توفي أحدهما أثناء محاولة نقله إلى العاصمة نيامي، بينما فارق الآخر الحياة لاحقًا، لترتفع بذلك الحصيلة النهائية إلى 71 قتيلًا.
المجزرة كشفت مجددًا عن هشاشة الوضع الأمني في المنطقة، وعجز الدولة المتكرر عن التدخل في الوقت المناسب. الأدهى من ذلك، أن السلطات المعنية لم تصدر أي موقف عاجل عقب المجزرة، مما زاد من شعور السكان بالتخلي عنهم. في وقتٍ تبدو فيه أجهزة الدولة أكثر انشغالًا بقمع الصحفيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، كان المئات من أهالي ماندا يواجهون الموت وحدهم، دون حماية، ودون صوت رسمي يواسي أو يبرر.
إن هذه المجزرة ليست مجرد حادث عابر، بل تجسيد صارخ لفشل منظومة الحماية وغياب العدالة. ما حدث في ماندا لا يجب أن يمر بصمت، فدماء الأبرياء لا تُنسى، ومن يسكت عنها اليوم، قد يكون شريكًا فيها غدًا.