
في تطور جديد يؤكد النهج التصعيدي الذي تتبعه الحكومة المالية في أزواد، نفذت طائرات مسيّرة تركية الصنع تابعة للجيش المالي في الرابع من يونيو 2025 غارتين دمويتين استهدفتا سيارات مدنية في منطقتي “تاجمارت” و”جانشاشي” قرب كيدال. أسفرت الغارتان عن مقتل ستة مدنيين بينهم ثلاثة رجال و طفل وأمراة ، إضافة إلى عدد من الجرحى من النساء والأطفال، أحدهم لفظ أنفاسه لاحقًا متأثرًا بإصابته.
تأتي هذه الغارات في وقت تشهد فيه مناطق أخرى تحت الاحتلال المالي ، خصوصًا مدينة تيسي في ولاية غاو، هجومًا عنيفًا من قبل تنظيم داعش بالتوازي مع سلسلة هجمات دامية من قبل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين ضربت جورا، بولكسي وتومبكتو خلال الأسابيع الماضية، وأوقعت مئات القتلى والجرحى في صفوف الجيش المالي دون أن تتحرك الطائرات المسيّرة لصدها أو الحد من خسائرها.
في المقابل، تبدو كيدال ومحيطها وكأنها “منطقة مفتوحة للصيد الجوي”، حيث يتم استهداف كل مركبة متحركة دون تمييز بين عسكري ومدني. المدنيون – لا سيما من الطوارق والعرب والفلان – هم من يدفع الثمن الأكبر لهذه العمليات، إذ تؤكد المعطيات الحقوقية أن نحو 90% من ضحايا الطائرات المسيّرة المالية منذ أغسطس 2023 هم من المدنيين الأبرياء.
وفي هذا السياق، وجّه القيادي في جبهة تحرير أزواد والمكلف بملف المصالحة، العباس أغ إنتالا، رسالة مفتوحة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتاريخ 31 مايو 2025. عبّر فيها عن غضب المجتمعات المحلية في الساحل، خصوصًا الطوارق والعرب، من الدعم العسكري التركي المتزايد للأنظمة الانقلابية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو. واعتبر أغ إنتالا أن هذا الدعم يتناقض مع الخطاب الأخلاقي والإسلامي الذي ترفعه أنقرة، مطالبًا بوقف فوري لتسليح تلك الأنظمة التي تستخدم الطائرات التركية لقصف قرى ومدن أزواد وترويع سكانها.
وتفيد تقارير محلية أن المسيّرات التركية التي تُدار غالبًا بتنسيق مع مرتزقة فاغنر، تقصف دون تمييز، ما تسبب في مقتل أكثر من 500 مدني منذ أغسطس 2023، وتحولت إلى كابوس يومي يهدد أرواح الأبرياء في أزواد. هذه العمليات تندرج ضمن سياسة ممنهجة تشبه “تطهيرًا عرقيًا صامتًا”، تُنفذ بصمت دولي وتواطؤ إقليمي.
في ظل هذا الواقع، يعيش سكان أزواد حالة من الرعب اليومي، إذ لم تعد الطرقات ولا التجمعات السكانية آمنة، بينما يغيب أي رد فعل دولي أو إدانة جدية لهذا التصعيد الدموي.