
في تصعيد خطير جديد يعكس هشاشة الوضع الأمني في منطقة أزواد المحتلة ، أعلنت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” اليوم الإثنين 2 يونيو 2025، عن تنفيذ ثمانية هجمات متزامنة استهدفت مواقع حساسة للجيش المالي وقوات “فاغنر” الروسية في ولاية تومبكتو و كيدال ومنطقة ماسينا وسط البلاد، مخلفةً خسائر بشرية ومادية وُصفت بـ”الفادحة”، لاسيما في مدينة تومبكتو التي كانت مسرحًا لعمليات كثيفة ومنظمة.
تصعيد عسكري مركّز في تومبكتو
بحسب ما أعلنته الجماعة في بيان رسمي، فإن الهجمات الأكثر ضراوة وقعت في مدينة تومبكتو، وتوزعت على عدة محاور عسكرية وأمنية حيوية:
قصف مدفعي استهدف مطار تومبكتو العسكري، حيث تتمركز قوات الجيش المالي والفيلق الروسي التابع لمجموعة فاغنر، في رسالة مباشرة إلى الحلف الروسي-المالي المتزايد في الإقليم.
السيطرة الكاملة على بوابة “أسدي” شرق مدينة تومبكتو، ما يشير إلى انهيار جزئي في التحصينات الشرقية للمدينة.
الاستيلاء على بوابة “أروان” شمال المدينة، مما أسفر عن خسائر مادية و بشرية و الاستيلاء على أسلحة و معدات عسكرية .
هجوم إنغماسي على الثكنة المركزية للجيش المالي في قلب تومبكتو، وهو الهجوم الذي يوصف بالأكثر جرأة وتكلفة، حيث تسلل عناصر من الجماعة إلى داخل المدينة ونفذوا تفجيرات داخل منشأة عسكرية محصنة و قتل جميع المنفذين لهذه العملية.
استهداف بوابة “بير” على المدخل الشرقي للمدينة، في استكمال واضح لمحاصرة المدينة من مداخلها الرئيسية.
كما نفذت الجماعة تفجيرات داخل المدينة عند الساعة الثالثة عصرًا، في محاولة واضحة لإرباك القوات الأمنية وإثارة حالة من الفوضى في صفوف الجيش والمدنيين على حد سواء.
أما في ولاية كيدال فقد أعلنت الجماعة ” استهداف آلية للجيش المالي والفيلق الروسي بلغم أرضي على الطريق الرابط بين (كيدال) و(أنفيف)؛ ”
عمليات في ماسينا: تنوّع جغرافي وتكتيكي
وامتدت الهجمات إلى وسط البلاد، وتحديدًا في ولاية موبتي التي تعرف بتوترها المستمر:
تفجير عبوة ناسفة موجهة استهدفت آلية للجيش المالي بين بلدتي “سان” و”بلا”، وهو تكتيك تقليدي يستخدمه التنظيم لشل تحركات الجيش.
اغتيال عنصرين من الجيش المالي داخل مدينة “كونا” بولاية موبتي، في عملية توصف بأنها اختراق أمني يدل على قدرة الجماعة على التحرك داخل المدن.
خسائر فادحة وسرية الحصيلة
رغم أن الجماعة لم تصدر بعد حصيلة نهائية لخسائر العدو، إلا أن الهجمات، بحسب مصادر ميدانية غير رسمية، خلفت عشرات القتلى والجرحى من صفوف الجيش المالي والمقاتلين الروس، خصوصًا في العملية الإنغماسية وسط تومبكتو، والتي سقط فيها أيضًا عدد من عناصر “نصرة الإسلام والمسلمين”، الذين نجحوا في التوغل إلى داخل الثكنة قبل تنفيذ عملياتهم التفجيرية.
خلفية العملية وسياقها التصعيدي
تأتي هذه الهجمات بعد 24 ساعة فقط من عملية “بولكسي” في ولاية دوانزا، والتي قُتل فيها نحو 80 جنديًا ماليًا، وتم خلالها إحراق عدد كبير من المركبات العسكرية والاستيلاء على كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر، ما يشير إلى استراتيجية تصعيدية تعتمد على الضربات المتزامنة والمنسقة.
ويبدو أن الجماعة، عبر هذه العمليات المركزة، تسعى إلى توجيه رسالة مزدوجة: من جهة إظهار قدرتها على اختراق الحزام الأمني في المدن الكبرى مثل تومبكتو، ومن جهة أخرى تكبيد خصومها خسائر موجعة على الجبهتين الشمالية والوسطى.
خاتمة
تكشف هذه الهجمات، التي تزامنت بين تومبكتو ووسط البلاد، عن مرحلة جديدة من المواجهة في مالي، إذ تواجه حكومة باماكو وحلفاؤها الروس تحديًا متعاظمًا من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين.