د أيمن السيسي
تعاني دول الساحل الإفريقي من تنامي خطر الإرهاب إضافة إلى معاناتها من الجفاف والتصحر الذي ضرب المنطقة بداية من الثمانينات وتفتقر أغلب أقاليمها إلى التنمية والخدمات برغم ثرائها بالموارد الطبيعية الهائلة والهامة جدا مثل واليورانيوم وتبلغ نسبة الفقر فيها 80% ، ووتعج بأكثر من 12 تنظيم إرهابي تمرح عناصره فيها بحرية شبه تامة منذ أن أعلن الإرهاب عن وجوده عام 2011، بعد أن سمح إنهيار الدولة في ليبيا بعودة العديد من ” المرتزقة ” العرب والطوارق الذين كانوا ضمن كتائب القذافي وحركات التمرد في السودان وتشاد ، مصطحبين معهم كميات هائلة الأسلحة من مخازنها التي كانت تضم 20 مليون قطعة سلاح ، لتتلقفها الجماعات الإرهابية جنوب الصحراء الكبرى ومنها ” الجماعة السلفية للدعوة والقتال” التي سبق أن إنزاحت جنوبا من الجزائر إلى الصحراء ، و أعلنت تحولها إلى “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ، وبعد إعلان الطوارق إنفصال إقليم أزواد عقب الإنقلاب العسكري في مالي على نظام الرئيس توماني توري عام2012 ، قفز تنظيم القاعدة على الإقليم ، ووفر بتهوراته المبرر الأخلاقي لشن حربا ضده بداية عام 2013 ، و تشكل قوات برخان الفرنسية من 5100 جندي ، بحجة محاربة الإرهاب والجماعات الإرهابية
و شهدت بلدان الساحل زيادة في العمليات الإرهابية ، واستطاع تنظيم “داعش” الذي تكون بالساحل الأفريقي عام 2015 من توسيع عملياته في النصف الأول بداية من عام 2019، لتشمل 7 دول بالساحل الإفريقى ليشهد العام الماضي 2022 نشاطا مكثفا له في مثلث “ساحلستان الصحراء ” المنطقة الحدودية بين بوركينا فاسو مع النيجر ومالي، وأنشأ معاقل جديدة له ، وكذلك توسع نشاط تنظيم “نصرة الإسلام والمسلمين ” الذي نشأ من تحالف عدة كتائب وجماعات تنظيم ” القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ” تحت قيادة أياد أج غالي في ، وإجمالا فقد تضاعف عدد العمليات الإرهابية في دول الساحل الإفريقي 43 ضعفا عن عام 2011 ، مع وجود قوة ” برخان ” الفرنسية وقوات
دول الساحل المشتركة تعدادها 5 ألاف جندي ،
وقوات الأمم المتحدة ( مينوسما ) 11 ألف جندي
إضافة إلى قوات تاكوبا ( الإتحاد الأوربي ) حوالي 900 جندي ، وبرغم كل هذه القوات وكل القواعد العسكرية الفرنسية والأمريكية والألمانية وطائرات التجسس بدون طيار والأقمار الصناعية التي تستطيع قراءة أحرف الكلمات في أي ورقة ملقاة على الأرض ، ناهيك عن أرتال السيارات التي يتنقل بها الإرهابيون أو يهربون عليها السلاح وعشرات الدراجات النارية التي يهاجمون بها القرى العزلاء الآمنة ، وقد تخطت تكلفة وجودهم مايزيد عن 22 مليار يورو خلال السنوات العشر الأخيرة، فضلا عن الخسائر المالية التي تكبدتها هذه الدول- حسب دراسات مركز الساحل والصحراء – التي قدرت ب 9 مليار دولار، هذه الأموال كانت تكفي لإحداث تنمية ومعالجة أزمة الفقر الناتجة عن الجفاف والتي ألجأت كثير من إلى العمل كمهربين و الإنضمام إلى الجماعات الإرهابية
، فضلا عن الخلافات العرقية حول مواطن الكلأ والماء ، لترتفع وتيرة العنف والقتل والإرهاب التي تسببت في نزوح ولجوء أكثر من مليوني ونصف مواطن إفريقي ، في مؤتمر القمة الإفريقي الأخير، أعلن قادة إفريقيا تسريع تنفيذ إتفاقية التجارة الحرة لتعظيم التجارة البينية في القارة والتي لا تتخطي 15% حتى الآن، وهو مالن يحدث طالما ظل الأمن مفقودا و مالم تكن هناك مواجهة للإرهاب على الطريقة الموريتانية التي حدد قواعدها ومارسها “أسد إفريقيا ” الفريق حننا سيدي حننا وزير دفاع موريتانيا مع رئيسها محمد ولد الشيخ الغزواني منذ يداية العشرية المنصرمة، وكانا أهم ضابطين في الجيش الموريتاني الذي يعد أقوى جيوش الغرب الإفريقي وأكثرها إحترافية ومعلوماتية ، والذي منعت قوته حدوث أي حوادث إرهابية في موريتانيا منذ 2011 وحتى اليوم. ومنذ تقلد أسد إفريقيا الفريق حننا وزارة الدفاع لم تشهد المناطق المالية المتاخمة لحدود بلاده أي حادثة إرهابي عند أقصى جنوب شرق موريتانيا وعلى حدودها مع إقليم أزواد في مدينة “باسكنو” التى أسستها قبيلته “أبناء داوود” حيث ولد وتربى فى بيت الإمارة فيها و رأس القبيلة، وهم أسياد الشرق الموريتانى و عرف رجالها على مدى قرون بالبأس والقوة والشدة والعلم والصلاح فكان منهم المحاربين” أهل الشوكة ” والعلماء ” أهل الزوايا ” ويمتد تأثيرهم إلى حدود مدينة تمبكتو فى ” أزواد ” وظلت سيادتهم بالقوة والعلم ،
ولا يمتلك الفريق القدرة على التخطيط التكتيكي المنظم والفعال فحسب ولكنه يمتلك المعرفة الجيدة بدروب الصحراء و بفكر هذه الجماعات لكونه أحد أبناء المناطق الحدودية
ويؤمن بأن مكافحة الإرهاب ليس بالقوة فقط ، ولكن بتلازم الأمن والفكر مع التنمية ، وعندما قاد الفريق حننا قوات الساحل والصحراء تراجع الإرهاب عن المساحات التي حددها بـ50 كم على جانبي خط الحدود لكل دولة من الدول الخمس ، إلى أن تركها ليتولى منصب وزير الدفاع في بلاده بعد إنتخاب ولد الشيخ الغزواني رئيسا للبلاد
فقام بإعادة هيكلة القوات المسلحة الموريتانية وفى طليعتها مجموعات التدخل السريع وجهزها تجهيزا قويا لتهيئتها للعمل السريع ، وأنشئ قواعد متقدمة وخصص قوات وآليات جوية لدعمها عند المواجهات. بناء على فرضه للمبادئ الاستباقية والنوعية بعد إعادة هيكلة القوات المسلحة الموريتانية وتحديد عقيدتها العسكرية وتنمية الوعى بها لمواجهة الخطر والعداء بناء على استراتيجية شاملة وهو ما جعل موريتانيا بقعة استقرار وتهيئة لظروف لتحقيق التنمية
وقاد المراجعات مع سجناء الإرهاب فى سجون الجيش الموريتانى، ووجه عددا من العلماء وأئمة المساجد لمحاورتهم ومراجعة أفكارهم التكفيرية بالمفاهيم الصحيحة للتخلى عن الإرهاب و الذبح،
هذه الاستراتيجية نبعت من ظروف نشأته فى قبيلة العز والشرف والعلم ، فضلا عن نبوغه الشخصى واستفادته من العلوم العسكرية والتكتيك اللذان اكتسبهما دراسيا وميدانيا كضابط منضبط، وتجارب مهنية أهلته لصناعة هذه الأفكار وابتكار ما يرسخ لاستراتيجيات صالحة لمعالجة أزمة الإرهاب.نه