تشهد مالي منذ أيام تصعيدًا مقلقًا في وتيرة العنف المسلح، مع تزايد الهجمات والكمائن في مناطق متعددة من البلاد، وصولًا إلى تخوم العاصمة باماكو، في مؤشر خطير على تدهور الوضع الأمني وضعف قدرة الدولة على تأمين أراضيها.
في تطور نوعي وخطير، أعلنت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” الجهادية، التابعة لتنظيم القاعدة، في بيان مقتضب سيطرتها الكاملة على موقع عسكري للجيش المالي في قرية زمبوغو بولاية كوليكورو، الواقعة على بعد نحو 50 كلم فقط من العاصمة باماكو. وتُعد هذه الحادثة اختراقًا ميدانيًا غير مسبوق باتجاه الجنوب.
تزامن ذلك مع سلسلة من العمليات النوعية في الجنوب والوسط. ففي سيكاسو، وقعت دورية أمنية مختلطة في كمين محكم داخل غابة “مايا” قرب كافيلا، ما أسفر عن مقتل رقيب أول في الشرطة وإصابة شرطي وعنصر من الحماية المدنية بجروح خطيرة.
وفي 13 يونيو، استهدف عناصر جماعة نصرة الإسلام والمسلمين نقطة تفتيش للجيش في زانتيغيلا قرب بماكو أيضا، تلاها تفجير عبوة ناسفة بسيارة عسكرية على طريق “غوليبوغولا – دوغوكولوبوغو” بدائرة نييينا. وفي اليوم التالي، تعرضت دورية أخرى لتفجير في موبتي، تبنته “كتيبة ماسينا” التابعة لـ JNIM، ثم وقع كمين آخر في منطقة “مافيا” جنوب سيكاسو، وهجوم جديد على نقطة تفتيش “بيليغانا” في مدينة سيغو.
وفي حادثة دامية أخرى صباح اليوم نفسه، قصف الطيران المالي بلدة “تانومة” في بلدية جاللوبي (موبتي)، مستهدفًا، حسب شهود عيان، صيادين محليين أثناء عملية صيد جماعي، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، بعضهم في حالة حرجة.
ولم تسلم ولاية كيدال من التصعيد، حيث انفجرت عبوة ناسفة في 16 يونيو بسيارة تابعة لميليشيا موالية للحكومة في منطقة “أكلاهن”، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين.
تؤشر هذه الهجمات المتزامنة والمنظمة إلى تصاعد قدرات الجماعات المسلحة على التنسيق والضرب في عمق المناطق التي كانت تُعتبر سابقًا آمنة. وتطرح هذه التطورات أسئلة خطيرة حول فاعلية استراتيجية المجلس العسكري، وقدرة الدولة على تأمين مواطنيها، لا سيما بعد استعانه بمرتزقة الفيلق الأفريقي الفاشلين.